المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٠٩

أنا و هَنا ..

صورة
أتخيل الوضع وحدي في السيارة بينما اقود كل يوم صباحا من البيت الى العمل. هي .. فراشتي التي تطير داخل الحيز الصغير الذي اوفره لها رفاها انسانيا خالصا، لا انتظر منها أجرة المكان ولا أعمال تنظيف بعد ان تنتهي مدة اقامتها! سيعطيني الله اجري مضاعفا، وستنظف طبيبتي رحمي من مخلفات القاطن الجميل. انا فعلا اقدم جسدي حاضنا على طبق من ذهب لمن ستكون يوما ابنتي الثانية. لوحدي على مقعدي خلف مقودي اشعر بها تتحرك مبادرات الصباح، بلغتها تتمطى وتقول لي "صباح الخير ماما" بلا شعور تترك يدي اليسرى المقود وتتلمس مكان تضاريسها، ربما كانت ساقها الصغيرة، ربما كانت واحدة من ركبتاها تحاول ان تتمدد بعد نوم الليل الهني بينما ماما مستقرة على الفراش .. نائمة تعب اليوم بلا حراك. اتفحص مكان الحركة بلمسة اشبه بالحرير من يدي، أمومتي الغضة تعطيني دروسا مستمرة بالحنان! ابتسم في غمرة وحدتي بينما آلاف السيارات من حولي تزفر ضيق الإزدحام الصباحي الخانق .. كلهم مغتاضون إلا أنا .. تنبع فرحة صداقة سيريالية من داخلي لترتسم شوقا غامرا على وجهي. انسى الشارع والناس والسيارات التي لا تمشي .. أتحسسها من جديد وأبدأ بمناجاتها: &

طاووس !

صورة
لأول مرّة أقابل في حياتي شخصا لزجا! سيولة الأشياء اللزجة مثل الزيوت الثقيلة عادة ما تبعث في نفسي اشمئزازا مختلفا، لهذا ربما انا لا أحب العسل كسبب آخر إضافي الى حلاوته التي لا تدع لي فرصة الاختيارات المتعددة. السوائل بالنسبة لي خفيفة ودافقة، مثل الماء او الزئبق لا يتطلبان وقتا للنزول او الصعود عند فورة الطبيعة. لماذا لا أطيق وجود نقطة لزجة على اي مساحة من جسدي؟ نقطة من عصير البرتقال التي سقطت سهوا على يدي وجفّت دون أعلم لتخلف وراءها وجودا دبقا دفعني الى الجنون! عاجلته بشلالات ماء من الصنبور وفركت البقعة أكثر مما يتطلب الأمر لأكتشف أخيرا أنني في عراك غير سوّي مع البقع والسوائل! هو بالضبط كان كذلك .. نظرة ثقيلة ينزلق تأثيرها ببطئ الدبق على وجهه ليصل الى فمه، الذي بدوره يرسم ابتسامة ليس لها لون! بلهاء تلك الإبتسامة الى ابعد الحدود أكاد اتساءل في قرارة نفسي إن كان فعلا يفقه حقيقة أنه يبتسم أم أنها حركة عشوائية تتمدد فيها ملامح وجهه عندما يلمح شيئا لا يستطيع السيطرة عليه. أنا وبطني المنفوخ سبعة شهور من حمل مضني، في صباح اليوم حاصرتني ساقي ألما عندما تشنجت عضلتها ولم استطع افلاتها من قبضة ال

فراباتشينو !!

صورة
كل صباح - بلا استثناء - نتقابل أنا معها على فينتي كراميل فراباتشينو. عادة أكون خلف المكتب وهي أمامه وكأننا في ساحة معركة او لعبة مضنية من شطرنج كلتانا لا تعرف قوانيها ولا اصولها! هي ثلاثينية تعيسة الحظ بالحب والزواج، حباها الله بسطة وافرة في الكتلة الجسدية وعلى الرغم من أن لها وجه جميل وملامح بيبي فيس، إلا أنها لا تزال في دوّامة القاء اللوم على كل شيء سرى في حياتها في مغارة موغلة بالظلمة. حكايتها أشبه بمسلسلات السوبوبرا التي تمتد احيانا الى ألف وشيء حلقة .. الإختلاف الوحيد، أن الممثلين حقيقين، قبيحين جدا لا جمال فيهم .. وان الحكاية لا تنتهي عندما يقف المخرج عن التصوير ويضع اغنية النهاية! الأبوان متوفيان .. الأخ الأكبر معادي، الأخ الأصغر يناضل في صفها ولكنه الآخر مشغول بحياته اسرته، الأخت الكبرى شخصية شريرة الى ابعد الحدود، والأخت الصغرى تذكرني بساحرات الفيري تيلز! آخر حكاية استوقفتني لفترة عندما منعت الأخت الصغرى المسؤولة عن تدابير بيت العائلة التي تسكن فيه زميلتي واختها الخدم من تقديم اي خدمات لها لإنها لا تساهم "ماديا " في مصروف البيت الذي يتحول أصلا كل شهر الى حساب الأخت

غدونة Vs بابا عود!

صورة
الطفلة إياها عندما جاءت للحياة جلبت معها في قلبي نبضة اضافية من رحمة! الفتاة الشابة التي كنتها والتي تحترف الأنانية، ذابت أنانيتها في كوب شاي التضحية مثل قطعة سكر لم تهنئ بالدقائق المعدودة في الحمام العشبي الساخن. الليل الذي كنت لا انامه واقضيه اسمع موسيقى صوتها الباكي. أغسلها وانظفها وارضعها وادفيها ولكنها لا تزال تبكي .. بدلا من أن أكرهها والقيها من النافذة .. كنت بغرابة عاطفتي الجديدة .. أغني لها أغاني الأطفال الرائقة! كبرت الطفلة قليلا وتحولت من قطعة لحم دافئة الى كيان مليئ بالمفاجآت. صوت جديد يفاجأني، نظرة جديدة، حركة جديدة، لمسة جديدة .. تلك الحكايات السيريالية التي تحدثني فيها في ذات الليالي التي نقضيها معها تنسامر حتى طلوع الشمس. أول مرّة تصدمني حقيقة أن طفلتي فعلا تكبر عندما بدأت ازيح الأشياء عنها من على ظهر طاولة الطعام. المملحة والملعقة والكوستر والكؤوس لم تصمد طويلا امام يديها المتطفلتين .. لا أمل في بقاء الحال على ما هو عليه! في ذلك اليوم بالذات ، عندما أزحت الأشياء عنها .. قابلتها وجها لوجه وضحكت من كل قلبي : (( يا الهي .. نحن - أنا وهي - في طور النمو !! )) تكبر الطفلة أ