المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠١٠

بندانـــــــة ..

صورة
في بواكير مراهقتنا، تماما عند الباب الضيق الذي ندخل فيه الى عالم الأنوثة المطلقة، اخترعنا أنا وأختي لعبة غبية لعبت دورا هاما في كل مقتضيات نبضات قلوبنا. كل اسبوع " وترك" تحب واحدة منّا فتى جديدا، كانت أمي في غاية الإنفتاح وأبي في غاية الإهمال! عرفنا لاحقا أنها توليفة مميتة خصوصا عندما تتجرعها فتيات في مثل أعمارنا. والدتي كانت من هؤلاء الذين يؤمنون بالرومانسية الى حد اليأس، تزوجت صغيرة جدا قبل أن تفتح عيناها على اختيارات متعددة لطريقة أو أكثر تجد من خلالها فتى الأحلام. كان أبي وقتها قد طرق الباب وتمت الزيجة بلا مقدمات، وجدت نفسها عروس جميلة وزوجة غارقة بالتعب! ربما لهذا السبب قررت أن لا تضعنا في ذات خانة المتزوجات من غير مقدمات. فتحت لنا والدتنا اعيننا العسلية مبكرا جدا، أخبرتنا ان الحب هو اعظم شيء في الدنيا، وأنها تريدنا أنا و" بهجة" أن نعرف الرجل، ندرسه، نتمرغ في تواجده الذكوري المطلق قبل أن نفكر يوما في الزواج. قالت لنا: إن كان "هو" سيعطيكم الله إشارة! ناكفتها حينها: لمَ لم يعطيك الله إشارة عندما تزوجتِ والدي؟ ابتسمت بسخرية معهودة مصاحبة دائما لسيرة زواج

ورنيــــــــش ..

صورة
تتهادى على الطريق المخضبة برائحة رجالية شهيّة، مفتونة بخيط غير مرئي لحاسّة مخضرمة غامض مصدرها! ربما كانت رائحة الرجل الذي مشى على ذات المربعات التي تمشي عليها الآن. تتساءل وهي على نفس الطريق، عن حكمة تحريم العطر على المرأة وتحليله للرجل، من قال أن أنوفنا لا تشم ولا ننتهي الى استنتاجات شبقة تلتهم أنصاف عقولنا المكتنزة؟ تنفض رأسها وتفتح منخاريها وترتشف العطر العالق في السماء. تتمادى على الوقت، ذلك الحد الفاصل بين أشياء لا نلمسها ولكننا نعرفها عن ظهر غيب، خطواتها يجب أن تكون اسرع، ورأسها يجب أن يكون مستقيما الى الأمام! ولكنها لم تكن يوما من هؤلاء الذين يعيرون اهتماما استثنائيا للوقت، لم يمهلها الوقت، لم يعطيها حقها في الشهرين الأخيرين من دورة استكمال النضوج الآدمي، ولدت بنت سبعة، فقضت وقتها الإضافي المسروق في صندوق دافئ في غرفة مستشفى باردة! تتعدّى البوابة الرئيسية التي تفصل بين المكانين، الداخل والخارج نطاقين لهما دلالات فطرية. نحن لا ننتظر أن نتواجد في مكان إلا اذا دخلنا حيزه، فتحنا درفة الباب وتقدمنا على الخط اللامرئي خطوة. كانت منذ البداية - تلك الخطوة الأولى - الأصعب في حياتها. كل ا

احتباس لغوي ..

صورة
بعينين مفتوحتين وضحكة متأهبة اسمعه يقول: " علامة استفهام صارت تعجب، ليش؟" لوحده يكمل : " راحت الصالون قالت لهم تبي " بف " سوولها "فير"! يضحك فأعرف ان النكتة انتهت وهو الوقت المناسب لأطلق سراح ضحكتي. " حرف العين مبلل، ليش؟ حاطين له قطرة! " " كل إللي يوقفون ورا " على" اركبهم مزلقة، ليش؟ مجرورين"! " حرف القاف منخش في كلينيكس، ليش؟ حطّو قبله نون ! كان أبي واحد من هؤلاء الذين اذا وقعوا في حب اي شيء، اتخذوه شأنهم، شغلهم الشاغل. اكلوه في وجباتهم اليومية، وضعوه في باقة زهورهم وصاغوا حوله نكاتهم. كان ابي معلم لغة عربية، وأنا كنت في الرابعة عندما كان يدخل المنزل بعد يوم شاق، ليجلس معي على طاولة الطعام ويخبرني آخر نكته! لم اكن افهم كلمة، ولم استوعب حينها المعنى ولا اين تكمن المفارقة المضحكة. ولكني من نغمة النكتة، بعد الكلمة الاحتفالية التي تأتي بعد ليش، كنت اعلم انني يجب ان اضحك. كبرت، لأقتنع ان لسان ابي مختلف عن الآخرين، قالت لي زميلتي يوما ا ن ابي يتكلم كمسلسلات الكارتون. كانت قد سمعته عند باب المدرسة قبل ان يتركني ليومي الد