الدقائق الأخيرة قبل صوت الخط ..
بيديها المضطربتين تعصر سماعة الهاتف فيخنقها السلك اللولبي، يلتف حول رقبتها ويثني تلك الأنفاس الأخيرة من الطيران خارج القفص. في الفتحات الصغيرة تبث املها الباهت، بالكاد تتكلم من بين الدموع .. وهو بالكاد يُسمع صوته من الجانب الآخر! - أنت تدري أني وايد أحبك! يدري .. بل على يقين أن المرأة التي تحادثه من بعيد كانت في يوم من الأيام أقرب له من روحه، أدفئ من اللحاف الذي يتدثر به في ليالي الشتاء، وأحن عليه من نفسه. منذ خمس ساعات وهما على طرفين نقيضين من مأساة على وشك الإندلاع. اتصلت به في الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل .. قالت له انها تريد وداعا لائقا بالسنوات الحلوة التي قضياها معا! وداعا حارقا صاخبا يحمل في يديه اسواطا سوداء تزغرد حزنا مضاعفا على ظهريهما .. ولا وقت للصراخ ولا مجال للأنين. لملم صوته، وبواقي الرجولة التي تعلقت في كيانه: - كانت الخمس سنوات الأخيررة حلوة .. رغم كل إللي صار! شهقت لمسمع صوت التاريخ الذي جمعهما، خمس سنوات ليست قصيرة من عمر زوجين شابين، نشقت: - حلوة .. ومرّة ! أنة ثقيلة كسرت حدة الصمت، أخرجها من جوفه: - الله يكتب إللي فيه الخير عصرت السماعة أكثر وبكت .. بحرارة ...