امرأة تحب النساء !
حذروني..
قالوا لي انها امرأة تحب النساء .. فشغفت بها اكثر!
لم أكن لأستوعب المعنى الآخر لهذا الحب. في استراحات خلوتي، تلك التي اكون بها ما أريد في رأسي، أتخيلها مع امرأة أخرى، تقبلها تلك الأخرى التي عادة لا أرى لها ملامح، تمتص رحيقا شبقا من رقبتها الحنطية. اسمعها في رأسي تتأوه، تتلوى وتذوب ..
في رأسي يحدث كل شيء، حتى اقتطاع صورة زوجتي ووجودها من كتاب حياتي. هي ورقة بالية مللت قراءتها وإعادة صياغتها ولكن بلا فائدة، في رأسي اجعلها تختفي الى الأبد.
عندما رأيت تلك المرأة صدفة تائهة في إدارتنا، قررت بيني وبين نفسي – في رأسي – أنها يوما ستكون بحضني، أطوقها بذراعي، وأقيس خصرها النحيل بأصابعي. اتشبرها من قدمها الى قمة رأسها، امسك بوجهها الرائق بين يدي وانفخ لهفتي لها داخل عينيها البنيتين، انغزها في خصرها فتقفز بغنج .. تبتعد .. فأستعيدها ..
في رأسي أيضا امسح ملامح زوجتي من على وجهها المنهك، اشطب ضوضائها اليومية وهي تصرخ على الأولاد، انتزع رائحة اللحم والبصل العالقة في انفي ما إن تقترب، وأزيح خصر شعرها المتهرئ التي عادة ما تصفعني فيه أثناء النوم! تتقلب زوجتي أحيانا وهي نائمة فيغدو الفراش قاربا مرجوجا بلا استقرار .. تماما كحياتنا. أبقى معها للعشرة التي بيننا، للأولاد الأربعة، ذكرى بالية لجمال قد اقتنه يوما، ولأنها طبعا تحبني، تحرق نفسها لتسعدني، وتقاتل إخوتها لأجل أسرتنا عندما يتأخرون في دفع نصيبها من إيجار بناية تركها لهم والدهم إرثا يقتسموه. تضع الرزمة بيدي، فأسافر لأرى الدنيا عني وعنها، أتبضع لي ولها وللأولاد وارسم خارطة مستقبلاتهم اللامعة. ابقى معا لإنها كل ما أريدها أن تكون .. مكافحة .. وصامتة.
سألتهم أكثر، أكاد اشعر بلعابي يسيل من طرف فمي: ولكنها متزوجة!! كيف لها ان تحب النساء؟
كانت الإجابات التي اسمعها أشبه بطنين صوت مكيف المكتب الذي يجمعنا أنا ثلاثة من الزملاء، واحد منهم كان يعرف زوجها. فكرة ان يكون لها رجل حقيقي يعرفه احدهم جذبتني أكثر للغوص في بحر غموضها، إلقاء شباكي وسنانيري عليها .. كنت مولعا بفكرة اقتناصها من يد صاحبها.
حذروني مرة أخرى، قالوا لي سأحترق، ستعمني الفوضى ان اقتربت منها .. وأنا صممت أكثر ولم أفكر يوما في التراجع.
في نفس اليوم، عندما انتهت من تقديم أوراق كفالتها تبعتها الى سيارتها، في الممر الطويل تنعمت بحضرة مشيتها، وقع خطواتها، كعبها العالي ذو الوقع الرزين! لم يكن الصوت حادا صارخا، كانت ضربات رجليها على الرخام أشبه بطبول المعابد البوذية، فيها شيء من القدسية! في المصعد ابتسمت لها، كفّت عينها مخلفة على شفتيها ابتسامة مواربة، كأنها تبتسم ولا تبتسم .. لم يكن استحياء، بل كانت حيرة، في رأسها .. ربما تساءلت لمَ ابتسمت لها؟
عند سيارتها استوقفتها، أخبرتها أنني بحاجة ماسة لعينيها .. نفد العسل من بيتي واردتها ان تسكب لي دمعا في برطمان صغير. يقولون العسل فيه شفاء للناس.
ابتسمت .. ولكنني أيقنت انها كانت تسخر منّي.
دنوت أكثر منها، أخبرتها أنني أراها تراجع في إدارتنا منذ زمن، وأنني لا أستطيع الكف عن التفكير بها ..
سخرت مني أكثر، قالت لي انها متزوجة!
تفاءلت .. أخبرتها انا الآخر متزوج ولكن المتزوجون أحيانا يحتاجون لوقت مستقطع للراحة من الشريك .. لمَ لا نأخذ وقت راحتنا معا؟ فنعود لأزواجنا أنا وهي، ونحن بمنتهى الشوق والتجديد؟
ضحكت عاليا، رنت ضحكتها في رأسي، استولت على بواقي العقل فيني .. أخرجت ورقة من حقيبتها وأخذت رقم هاتفي!
لم ارجع الى بيتي في ذلك اليوم، ذهبت الى بيت صديق قريب مني، ثم الى بيت قريب صديق لي .. ثم همت في الشوارع المزدحمة انتظارا لهاتفها. لن أعود للمنزل إلا عندما تتصل، حتى لو كلفني ذلك أن أبيت في فندق. لم أكن أريد ان أتلقى هاتفها محشورا في حمام منزلي، يرهبني وقع خطوات زوجتي او يزعجني صراخ الأولاد. لها .. كنت أريد ان أكون وحيدا.
في الحادية عشرة هاتفتني .. في سيارتي أسوح شوارع المدينة .. حادثتها، كنت ذابلا من فرط الفرح، خاملا بصوتها، برونقها وبجرأتها. سألتني باختصار – بدون لف ودوران - عمّا أريد؟ وأخبرتها باختزال أنني أريدها .. اليوم .. الليلية .. الآن.
ضحكت .. سألتني عمّ أريد فعله بها .. انتشيت، وقلت لها كل ما كان يدور في رأسي ..
تخضبت ضحكتها بخجل واضح .. صوتها اعتدل وسألتني عن زوجتي .. إن كانت ستعرف يوما أنني انوي خيانتها ..
أخبرتها كل شي عن زوجتي، انها بسيطة وراضية وقانعة بفتات العلاقة الزوجية التي امنحها لها. تناثر عقد شبابها على أعتاب الأولاد ومسؤوليات المنزل، فأهملتني، تركتني سائحا في حواري الشبق. لا يشبعني إلا النساء الرائعات من أمثال محدثتي.
سألتني لمَ لا أطلقها .. فأخبرتها أنني أفكر أحيانا في الانفصال، ولكني ابقي للأولاد.
حدثتني لأكثر من ساعتين، توحدت فيها وفي البلد والشوارع التي قاربت على النوم. كان الوقت معها ساحرا، كانت معطاءة وشهية ورائقة وجميلة وناعمة .. كلماتها مصقولة كالزجاج البلوري، بديهتها حاضرة، وردودها راقية...
لم أكن ارغب في أي شيء آنذاك .. إلا هي.
شارفت محدثتي على التلاشي، نعم صوتها وراق أكثر .. تخللته خيوط النوم ..
كنت وقتها عند باب بيتي .. في رأسي أودعها، افردها في فراشها، أتحسس جسدها الدافئ. في رأسي، تقرصني .. تعتب عليّ بدلال جنون شقاوتي. أغطيها بلحاف من حرير واقبل شفتيها .. قبل ان تقفل السماعة .. في رأسي تطول القبلة واشعر خلالها أنني سأنفجر.
اقفل الهاتف، وأجلس لاهثا منتشيا لدقيقتين إضافيتين، كان صوتها لازال يداعبني. أترجل من سيارتي أترنح نحو الباب، اصعد الدرجات السبعة أمام بات بيتي، افتح الباب بالمفتاح .. البيت ساكن، الكل نيام إلا زوجتي. اسمع صوت التلفزيون في غرفة المعيشة المواربة، أقرر ان أتجاهلها واصعد لغرفتي .. لا أريد ان أعكر السُكر الذي في رأسي.
تسمع زوجتي وقع خطواتي .. تناديني فاتجه نحوها .. أحاول ان لا اسمعها .. ولا أراها !
اقترب أكثر، أرى التلفاز، أرى رِجل زوجتي .. ادخل الغرفة ..
فأرى المرأة التي كانت تراجع عندنا في الإدارة جالسة جار زوجتي!
افرك عيني، اضرب رأسي بيدي ..
أعاود النظر من جديد، فأرى المرأة ذاتها، التي حاثتها لساعتين ..
و أرى ايضا .. بريق نادر جدا في عيني زوجتي.
فأرى المرأة التي كانت تراجع عندنا في الإدارة جالسة جار زوجتي!
افرك عيني، اضرب رأسي بيدي ..
أعاود النظر من جديد، فأرى المرأة ذاتها، التي حاثتها لساعتين ..
و أرى ايضا .. بريق نادر جدا في عيني زوجتي.
كانت امرأة تحب النساء ..
امرأة تدافع عن النساء، تستقصي حقوقهن ولا ترضى ان تظلم او تنتهك واحدة! كرست وقتها لدراسة قضاياهم، هي واحدة من هؤلاء اللاتي تُعلم النساء كيف يقفن بوجه الحقوق المهضومة في فك مفهوم "التضحية"، تعلمهن كيف يفرقن بين التضحية، وبين أن لا تعطى امرأة اختيارا لتقرر بنفسها إن كانت تريد ان تضحي، التضحية القسرية عندما تفرض على امرأة باسم " طاعة الزوج" او "الأمومة" او حتى " العادات والتقاليد" ما هي إلا انتهاك لحرية الاختيار. أن تحب المرأة نفسها بقدر ما تحب زوجها – او حتى أكثر بقليل – لا يعتبر أنانية، ان تستقطع من نقوده لأجل زينتها، ان تستفرد بحمام دافئ لوحدها، ان تقرأ في وقت شهوته، ان ترفض قانونا جائرا من قوانيه، ان تدرس عندما يمنعها بلا سبب منطقي، ان تأكل ما تشاء حتى وإن عايرها بجسدها .. كلها مفاهيم تمثل مفهوم جديد لحب تلك المرأة لبنات جنسها.
كانت زوجتي تسمع تفاصيل خيانتي بوقتها، لا داعي للتسجيل او لإعادة البث والإرسال، لا داعي للكذب
.. ولا وجود لخط عودة!
كانت زوجتي تسمع تفاصيل خيانتي بوقتها، لا داعي للتسجيل او لإعادة البث والإرسال، لا داعي للكذب
.. ولا وجود لخط عودة!
تعليقات
> هذه المرأة التي تحب النساء وتعلمهن وتدفعهن.. تشبه سبمبوت كثيييراً
:)
لا أقاوم تأخير حرفٍ واحد ولو لـ ثانية
يسلم لنا هالقلم الذهبي
و تسلم كل امرأة تحب النساء :)
تحية :)
:
اهوه جليل الحيا يستاهل و مرته لو دايره بالها على عمرها و عليه جان ما وصلته لهالمرحلة انا اشوف المرأة التي تعطي بلا حساب "غبية" ما في ريال يستحق هذا العطاء و التضحية لانه يعتقد مع الوقت ان التضحيات حق و واجب عليها دون مقابل منه غير الفتات منه مثلما اعترف لما توهمها حبيبة ...
الحياة أخذ و عطاء و الزواج مشاركة :)
D;
وخاتمة غير متوقعة في قالب هدية مفاجئة ..
أحسنت
دوما مبدعة
اللهم بارك
لو دور على اللي تمتعه
هو رجل يحتاج ويحتاج
وهي امرأة لم تحب نفسها كفاية
حبته اكثر
حبت عياله اكثر
حبت خدمتهم اكثر
ونست بهالزخم كله انها لازم تحب نفسها قبل عشان تقدر تحبهم صح
هذا رايي
إسلوبك بالكتابة و القصة جميل جداً
و ذو هدف ..
حرام يكون فقط في الإنترنت/ جداً جداً أعجبت بالإسلوب و الفكرة ..
بودي أن أقرأ لك رواية
/
أما بالنسبة للرجل،
هم هكذا .. المرأة الذكية هي
التي تعرف كيف تتجدد .. يصعب تغيير طبيعة الرجل !
و لكن لا عذر له أكيد ..
/
مدونة جميلة جداً
تحياتي
م ح م د