( سلمــــــــــــــــانة ) 19
للحب المتوازن الراسخ في أعماق الروح لمسة وردية على الوجدان، لم تشعر سلمانة من قبل بكل تلك الغبطة التي تتملكها ما إن تراه في الصباح الباكر يدخل من بوابة المدرسة الكبيرة، على ظهره حقيبته التي يضع فيها كمبيوتره المحمول وبعض الكراسات التي يستخدمها لجمع الملاحظات حول الطلبة وتقدمهم العملي في الصف.
- جوناثان رجل متواضع ومستقر!
التفتت سلمانة الى الصوت الذي أتى زحفا خفيفا الى أذنها، كانت مسز كاندنس ناضرة المدرسة، بأرطالها الزائدة وجلدها الأبيض المشدود، كانت مسز كاندنس ترتدي ذلك الصباح فستان وردي فاتح وضعت فوقه كنزة رمادية مشجرة. احمرت سلمانة خجلا وهي للتو تدرك أنها كانت تنظر الى جوناثان وهو يدخل من بوابة المدرسة بعينين ملؤهما الشوق .. سألت مسز كاندنس:
- فضحتني عيناي؟
أجابتها المخضرمة بصوت حنون ..
- بل دقات قلبك .. سمعتها من بعيد ..
لماذا لا تتزوج الفتاة ممن تحب؟ سؤال طرحته سلمانة على هديل التي استقرت في بيت الزوجية واحترفت بفترة قصيرة دور الزوجة والمرأة على أعتاب عالم الأمومة. دار النقاش طويلا بين الصديقتين، خاضتا في العادات والتقاليد والمجتمع الذي يحشر الاختيارات أحيانا ويجعلها بحجم خرم الإبرة! على مجموعة كبيرة من الفتيات في هذا البلد ان يتقلصوا الى أصغر حجم ممكن لينفذوا من تلك الدوائر الصغيرة. عندما صرحت سلمانة لهديل عن علاقتها الجميلة المريحة الدافئة بجوناثان شهقت هديل ووضعت كفها على صدرها! كانت شهقة هديل وردة فعلها أقل ما توقعته سلمانة، حيث لم يكن في عائلتها او في محيطها من بعيد او قريب فتاة ارتبطت برجل أجنبي من خارج نطاق الجنسية الكويتية، بل في عائلة سلمانة كان خرم الإبرة اصغر بكثير من بنات بعض الأسر الأخرى. لم تتزوج الفتيات المنحدرات من أصولها العريقة إلا من مجموعة عائلات وأسر معروفة تعد على أصابع اليدين! كان حلم سلمانة في الارتباط "بمستر جوناثان" كما يناديه أطفال المدرسة أشبه بالخيال! حلم كبير وصعب المنال. كلما فكرت سلمانة بالطريقة المثلى لفتح موضوع كهذا مع والدتها أحست بحرارة تكتسي جسدها، يجتاحها العرق ويبدأ قلبها يضرب محيط جسدها النحيل بقوة. كانت سلمانة تحب جوناثان وتعلم أنه يحبها ولكنها كانت أيضا فتاة فاضلة ومطيعة على الرغم من كل محاولاتها السابقة لتكون فتاة مختلفة عمّا هي عليه. سألته يوما عندما ألقى عليها قنبلة الارتباط:
- ماذا تعتقد أن تكون ردة فعل والدتك؟
ابتسم وأجابها:
- ستفرح والدتي كثيرا .. لأنني أخيرا وجدت الفتاة التي أريد أن آخذها معي الى وطني وأعيش معها في بيتي الصغير.
- لديك بيت؟
- اشتراه لي والدي .. ربما لكي يخرس تأنيب ضميره حين تركني صغيرا جريا خلف امرأة أخرى غير أمي.
- صف لي بيتك!
- لن أصفه .. أريد أن أرى ردة فعلك عندما تدخليه للمرة الأولى!
ضحك عاليا ..
- بيوتنا صغيرة مصنوعة من الخشب، بأبواب صغيرة خشبية نزينها بأشياء تشبهنا ..
- بماذا تزين باب بيتك؟
- برسم صغير من الزجاج لطائر الفلامنغو
- فلامنغو؟
- عندما كنت صغيرا أعيش في بيت خالتي، كان لدينا طائر فلامنغو! أنا وابنتها جودي نلعب معه وبه كل يوم! لا تسأليني من أين أتى الطائر ولماذا هو موجود في مزرعة بقر وخنازير، ولكن هذا الطائر يذكرني كثيرا بطفولتي.
لوحدها أحيانا في غرفتها تسأل نفسها إن كانت مستعدة لمواجهة هائلة من التغيير، ذلك التغيير الذي سيجتاح تفاصيل حياتها وينقلها الى عالم آخر! الى بلد بعيد جدا عن موطنها، الى جو مختلف عن الأجواء التي تنشقتها، مياه مختلفة عن المياه التي أمطرتها وسقتها فكبرت وينعت وأصبحت فتاة أحلام رجل غريب عنها! هل هي مستعدة للغربة المضاعفة؟ عندما لا تترك فقط الوطن، بل تترك أيضا فكرة العودة إليه والاستقرار فيه بصورة دائمة! هي هل مستعدة للتأقلم مع فكرة وطن جديد؟ حياة جديدة؟ بيت جديد؟ وباب جديد نحت عليه بالزجاج رسم تجريدي لطائر فلامينغو وردي؟ هل هي مستعدة للانتقال كليا الى عالم جوناثان، الى بيته الخشبي الصغير بحديقته الخضراء؟
سألها يوما على الهاتف:
- هل جربت يوما الجلوس شتاءا قرب مدفأة خشب؟
ضحكت ..
- خشب؟
- تلك التي نضع في وسطها جذوع شجرة البلوط والسنديان العتيق فتحترق معلنة عن صوت فرقعة الشرارات الصغيرة ورائحة الخشب المحروق اللذيذة؟
صمتت .. ثم أردفت ..
- لا .. لم أجرب رائحة السنديان المعتق المحروق
- ربما تكون تلك أجمل جلسة .. في أجمل أمسية .. في أجمل شتاء
صمتت طويلا ثم سألته ..
- جوناثان .. هل تعتقد ان شتاؤكم سيحبني؟
ضحك ..
- لم لا؟
- أنا عربية جوناثان .. لا لست فقط عربية، أنا كويتية .. أنا بنت أسخن رقعة في الخليج العربي! بقعتي قاحلة حارة تتدلل بحضن الشمس .. أنا بنت الشمس جوناثان، لم يعتد جسدي على قرصة الشتاء الطويل!
صمت .. ثم أجاب:
- سأكون هناك معك .. أعرفك على الشتاء وأعرفه عليك ولن أغادر أبدا إلا عندما تتصادقان
أقفلت السماعة ذلك اليوم بعد جملته الأخيرة، كانت تريد أن تنام على فكرة أنه لن يتركها أبدا، وهي قررت يومها قبل أن تغمض عينيها على صوته أنها أيضا لن تتركه.
***
طرقات القاضي على طاولته الموجوعة باتت أكثر غضبا، لم يكن القاضي وحده الغاضب من الجلبة التي اجتاحت المكان. كان الأخوة غاضبون من ظهور مريم فجأة وبكل جرأة ووقاحة في أول جلسة لمحاكمة حبيبها! لم يكونوا يدركوا أنها لازالت شامخة وأبية رغما عن كل المهانة التي تجرعتها تحت أقدامهم! بدت هادئة وغير خائفة، هي الآن بحماية العدالة. وعندما صرخ حميد للمرة الرابعة بكل الكلمات النابية اتجاهها تلقفته يد الحراس جرّا خارج المحكمة. أنهى القاضي طرقاته الحانقة بعد طرد حميد من القاعة وصرّح للجميع أن هذا سيكون مصير كل من يتحدث بصوت مسموع بدون إذن. جلست مريم خلف محامي المتهم بكل هدوء، ووقف الجميع عندما طلب محامي محمد استراحة نصف ساعة للتحدث لمريم ومعرفة من هي ومن أين أتت ولماذا هي هنا! سمح القاضي بالاستراحة ولم يغادر المنصة إلا عندما كفل الحماية التامة لمريم من قبل حراس المحكمة. أمر القاضي أن لا يقترب أحد من مريم إلا محامي المتهم التي صرحت مريم أنها أتت كشاهدة إثبات في قضية محمد.
أخذها المحامي الى غرفة بجانب قاعة المداولة، سألها واستدل منها على كل ما تريد ان تقوله للقاضي ووكيل النيابة والمحكمة. لم يصدق المحامي أن مريم أتت على الرغم من كل ما حصل لها لكي تنقذ الرجل الذي وصمت معه بالعار والفضيحة. وعلى الرغم من أنها لم تكذب على المحامي بشيء، إلا أنه ربت على كتفها وقال لها أنه يحترم شجاعتها وثقتها به. بعد انقضاء الوقت عادت مريم والمحامي الى القاعة من جديد، بعد ان اقترب محامي الدفاع ووكيل النيابة من المنصة ليفاجئ المحامي الجميع بأن مريم تصر على ان تصعد المنصة اليوم فقط. بجعبتها شهادة مدعمة بالأدلة العينية على براءة المتهم، هي تريد أن تقول ما لديها وتغادر المكان .. تغادر البلد.
بخطوات هادئة وصارمة تقدمت مريم من منصة الشهادة وسط ذهول الأخوة الثلاثة، رفعت يدها اليمنى ووضعتها على القرآن لتشهد أنها ستقول الحق وليس سواه. اغرورقت عيناها وهي تردد القسم، عادت الغصة الى قلبها وهي ترى عيني محمد معلقة عليها بكل حب، وعيون أخوتها تحتقرها بكل إثم. قالت لنفسها قبل أن تنبس بأي كلمة أنها هنا لوضع الحق على طاولة العدالة، وعلى الرغم من كل ما قيل وسيقال عنها إلا أن إنقاذ محمد من الظلم وحده سيبرئ جراحها الغائرة ويعوضها عن كل ما ستواجه بعد ذلك. قطع غيباها صوت المحامي سألها عن اسمها، أخذت شهيقا غائرا ملئ رئتيها بهواء كافي لدعم بقايا الشجاعة لتدفع صوتها الخافت الى الخارج:
- اسمي مريم راشد السامي، أنا في هذي المحكمة اليوم لأبري ذمتي وأريح ضميري. أنا حضرت هذي الجلسة على الرغم من احتمالية وجود خطر كبير على حياتي، ولكن القدر ترك في ايدي إمكانية إنقاذ هذا الإنسان المظلوم من ضياع سنين طويلة من عمره بسببي. أنا السبب ورا وجود محمد سعد البرّاج في القفص. محمد ما هو مجرم ولا حيوان عشان يكون في هذا المكان الدنيء بينما المذنبين الحقيقين قاعدين في مكان الضحية. أنا ومحمد كنا الضحية ولازم المجرم يلاقي عقابه.
شجعها المحامي ..
- كملي مريم ..كملي بنتي
شهيق آخر ..
- أنا كنت أخت الرجال الثلاثة إللي قاعدين في الصفوف الأولى من جانب الإدعاء، حضرة القاضي أقدم لك وثيقة موثقة من الدولة وموقعة من فواز راشد السامي، جاسم راشد السامي وحميد راشد السامي بتبرؤهم مني رسميا في محكمة الأحوال الشخصية قبل أكثر من 6 شهور. هذي الوثيقة تضمن لي في وجود هيئة المحكمة او عدم وجودها الصلاحية في الكلام بحرية، والحماية التامة منهم لإن ما لهم أي سلطة علي او قرابة فيني. وأي اعتداء او تدخل منهم لازم يعاقب عليه القانون خصوصا إني الآن غير مسئولة منهم ولا يمتون لي بصلة لا من الناحية الاجتماعية او القانونية.
يقدم المحامي أوراق التبرؤ للقاضي، ويقرأها القاضي ويبقيها بجانبه .. تكمل مريم، توجه حديثها مباشرة للقاضي:
- حضرة القاضي أنا كنت على علاقة عاطفية مع محمد، كنا نحب بعض ومتفقين على الزواج. كان عندنا شقة في منطقة بنيد القار هذا عنوانها وعقد الإيجار باسم محمد.
يسلم المحامي عقد إيجار الشقة المبين فيه العنوان والموقع ورقم العمارة والشقة وتاريخ بدأ الإيجار وإيصالات دفع الإيجار. تكمل مريم:
- كنت اقضي في الشقة وقت متقطع بعد الجامعة والعمل، كنا آنا ومحمد نلتقي فيها تقريبا كل يوم. لمّا درى كل من فواز وجاسم وحميد بالعلاقة قرروا الهجوم على الشقة، كان الثلاثة مسلحين معاهم عصي وسكاكين، وكان مع فواز مسدس. هذي صور الثلاثة وهم يدخلون من البوابة الرئيسية للعمارة الوقت واليوم والتاريخ موجودة في زاوية الصور. دخلوا الشقة علينا، كسروا الباب وتعدوا علينا بالضرب والطعن بدون تفاهم او حوار. تلقيت ضرب مبرح من الثلاثة في ذاك اليوم وطعنة في الخاصرة. كسروا أنف محمد وفكه. نقلني البواب الى المستشفى بنفس اليوم لإني كنت على مشارف الموت، وهذي تقارير المستشفى.
يقدم المحامي تقارير المستشفى كاملة للقاضي وينشغل الأخير بالإطلاع عليها بالتفصيل. تكمل مريم:
- اتصل حميد بأصدقائه في الداخلية، تلقون في هذه الورقة أسماؤهم الكاملة من محضر الضبط والإحضار اللي أصدروه بحق محمد. وكان متفق معاهم أنه راح يتصل فيهم لتلفيق تهمة حيازة كمية كبيرة من المخدرات بقصد الاتجار في لمحمد بعد ما يتم نقلي من المكان. تلقون أيضا صورة تتضح فيها عملية نقلي مصورة من كاميرا بوابة العمارة الرئيسية 22 دقيقة قبل حضور ضباط الداخلية.
أكملت ..
- سيدي القاضي راح تلقون تاريخ محضر الضبطية إللي كتب فيه الضابط خالد المحمود تفاصيل مداهمة شقة محمد هو 12 نوفمبر 2002، بينما كل العملية من التهجم على الشقة والاعتداء علي وعلى محمد حسب تاريخ كاميرا العمارة هو 13 نوفمبر 2002. وهذا يدل على أن المحضر تم تحضيره وكتابته وتوثيقه قبل يوم كامل من تاريخ الضبطية المفترضة وهذا يدل على أن العملية كلها مخططة وملفقة مسبقا لمحمد انتقاما منه على علاقته فيني. كان العقاب اللي حضروه هذولي الرجال اللي كانوا سابقا إخواني لمحمد هو طعنه في سمعته وتضييع مستقبله في السجون لأنه ببساطة كان على علاقة فيني. في محضر النيابة أيضا مدون أن المتهم لم يضرب ولم يعتدى عليه في شقته، بل تم "تأديبه" في مخفر الشرطة للتحكم بسلوكه العدائي وهجومه المتكرر على المحقق أثناء تأدية عمله. أقدم لكم صورة من مدخل العمارة الخلفي التقطتها كاميرا أخرى موجهة على المدخل الخلفي، واضح فيها أن محمد مصاب بجروح غائرة وكان ينزف دم لمّا تم نقله للمخفر.
يقدم المحامي الصورة التي أشارت لها مريم للقاضي، ينظر له الأخير بصمت بينما القاعة صامتة لا يسمع فيها إلا أصوات الدهشة وبكاء أخت محمد التي كانت تجلس في كرسي بعيد.
ينظر القاضي الى مريم ويسألها:
- في شي بتضيفينه يا بنتي؟
- شيئين حضرة القاضي .. الأول أن في محضر القضية تم تدوين أنهم وجدوا كميات كبيرة من الكوكايين في أكياس بلاستيكية مخبئة في حقيبة جلدية سوداء كبيرة من ماركة سامسونايت، تم العثور عليها في شقة محمد! صور الكاميرا اللي راح يسلمك إياها المحامي الآن تبين لك أن ضابط الشرطة نفسه اللي اتصل عليه فواز وفقا لقائمة اتصالات هاتف فواز إللي ايضا راح يسلمك إياها المحامي الآن حضر للعمارة من بابها الخلفي معاه الشنطة الجلدية المذكورة في الساعة 7:46 مساءا متجه حسب كاميرات المصعد الإلكتروني الى الطابق الثالت مكان الشقة، ثم نزل ومعاه الضبطية المفترضة "الشنطة ذاتها" مع المتهم الجريح بأيده الكلبشات الساعة 8:44 دقيقة. الشنط ملفقة حضرة القاضي والضابط هو يابها معاه واكتبوها على محمد في التقرير على أنها ملكه.
بنظرة ثاقبة وابتسامة متوارية تقابلها عين المحامي، تتفحصها عين القاضي وكان لابد من السؤال، بادرها القاضي:
- من اين لك كل هذه الدلائل والصور يا مريم؟
قفز المحامي ..
- اعترض سيدي القاضي، حق حماية المصادر ..
نظرت اليه مريم .. ثم الى القاضي وقالت:
- من إيد الحق حضرة القاضي، أنا سعيت وراء هدف واحد وهو رفع الظلم عن المظلوم فلقيت كل الأيادي تمتد لي وتساعدني بدون مقابل. البواب لمّا شاف الاعتداء شال كل أشرطة الكاميرات وخبئها، قطع الإرسال وقال للمحققين وحميد لمّا اسأله عن الكاميرات أنهم بعد ما تم تركيبهم لإن العمارة جديدة. إللي في ايدك سيدي القاضي كلها صور مطبوعة من أشرطة فيديو كاملة بالصوت والصورة والوقت والدقيقة والثانية. تقدر تتطلع عليها كلها عند محامي محمد. ايضا حصلت على مجموعة كبيرة من المعلومات من العريف ماجد الماجدي الجديد إللي كتب اسمه محامي محمد كواحد من الشهود القادمين في القضية. الكل ساعدني لإن مثل ما فيه ناس دنيئين مجرمين مثل الأخوان الثلاثة إللي حاضرين أول ناس يتأكدون أن جريمتهم تاخذ مجراها، في ناس كلهم خير قدموا كل إللي يقدرون عليه لإنقاذ رجل صالح كل جريمته إن حب أختهم.
عمّ القاعة صمت ثقيل، كانت المحكمة تسبح في هدوء الذهول، هناك شيء مختلف في مريم، كانت هادئة وقوية لم يكن يهمها إلا أن تلقي كلمتها، تتحدث بما بها وتغادر. لم يكن هدفها الانتقام من إخوتها، لم يكن هدفها تلطيخ سمعة العائلة أكثر، لم يكن هدفها الحصول على تعاطف الناس الذين عرفوا بفضيحتها وعزروها بالقطيعة الاجتماعية وكلمات التقليل من الشأن والصَغار. هي ملّت الناس والمجتمع الذي يتغذى ويكبر ويتسلى بهواية علك قصص الآخرين. تعترف أنها كانت منهم، ولكنها لن تكون بعد اليوم. هي هنا لكي تضع عذابات ضميرها على طاولة القضاء المرتفعة، تحت تمثال العدالة الذي فرضا لا يرى الفروقات بين الناس، يحكم بالقسطاس المستقيم، فينصف المظلوم ويعاقب الظالم والآثم والمعتدي.
قطع القاضي صمت القاعة:
- في شيئ أخير تبين تضيفينه؟
نظرت الى الثلاثة القابعين في كراسيهم البعيدة .. حشرت عينيها بأعينهم وقالت دون ان تبعد نظراتها الصارمة عنهم:
- حضرة القاضي، بعد سماعك لقصتي بتفاصيلها الدقيقة، وبعد إللي سووه فيني الثلاثة إللي هناك .. أنا أحتاج تعهد رسمي منهم إنهم ما يقربون منّي. أحتاج تعهد رسمي أنهم راح يعاقبون أشد أنواع العقاب إن حاولوا مجرد المحاولة إيذائي بأي طريقة. الثلاثة إللي هناك ما لهم علاقة فيني لا من قريب ولا من بعيد، بعد تبرؤهم مني آنا بعد أتبرأ منهم. أنا جريمتي كانت الحب والخطيئة بإسم الحب، ولكن جريمتهم هي الإعتداء، الشروع بالقتل، الضرب المبرح والتآمر بالزور ضد إنسان مسالم.
لم تنتظر مريم رد على طلبها، لم تكن تريد أن تسمع تعليق القاضي او ردود أفعال أخوتها. بعد كلمتها الأخيرة قامت من على منصة الشهود، بخطوات واثقة وثابتة مشت بين الكراسي المواجهة للقاضي. كانت تتمنى لو ألقت نظرة أخيرة بإتجاه محمد، تعلم انه كان يبكي! لهذا وهي تعطي الجميع ظهرها وتخطو خطواتها الأخيرة خارج القاعة بإتجاه الردهات الطويلة .. كانت هي الأخرى .. تبكي.
تعليقات
ومشكورة على الطول المناسب p;
وبعدين بأه وبعدين بأه
((كانت مسز كاندنس ناضرة المدرسة))
ناظرة
:)
على طاري الناظرة بليييز شوفي هالمقطع تبين تشوفينه كله كيفج بس أهم شي شوف الدقيقة 3:00
http://www.youtube.com/watch?v=j-ruZ7zad8g
بس رجاءً لاتطولين علينا
ماتدرين اشكثر اندمج فيها