أين هي ألاسكتي؟؟


شاهدت البارحة فيلم جميل اسمه Into The Wild

الفيلم من سيناريو واخراج واحد من الفنانين المفضلين لدّي هو Sean Pen.
قرأ Sean الكتاب المكتوب عن قصة حقيقية تحمل نفس اسم الفيلم، بطلها شاب يدعى "كريس مكاندليس".
كان عمر "كريس" أكثر من العشرين بقليل عندما تخرّج من الجامعة التي أرادها له والده..

تبرع بمدخراته لهيئة خيرية، حرق نقوده، قطع بطاقته الشخصية، رخصة القيادة وبطاقات الإئتمان وخرج من الدنيا ..
لم يقتل "كريس" نفسه .. ولكنه حيا من جديد ..

في رحلة أشبه بالأحلام المتقطعة \ المتواصلة في ليلة محمومة، حمل "كريس" بعضة
بعيدا عن كل ما يناقضه ويناكفه في المجتمع الذي كره عندما بدأ يغوص في محيطات نفسه.
تلك البدل المخاطة تماما على تفاصيل الجسد تخنقه ولا تريحه ..
تلك الابتسامات المزيفة ..
والأموال التي تبني اسما من زجاج ولا تحشو ذلك الإسم إلا بفقاعات لا تكاد تطير حتى تنفجر!
لم يحب ذلك الفتى تاريخ والديه الذي عرفه بالصدفة، فاكتشف كذب العلاقه بينه و بين كل شيء كان يوما أساس تلك العائلة.

لم يعجبه يوما غنى والده، ولا عنجهية أمّه التي كانت تخفي في باطنها امرأة فقدت الكثير من عزتهه الحقيقية ..
كان "لكريس" اختا واحدة أحبها اكثر ممّا ينبغي .. وهي الوحيدة التي فهمته ولم تلمه عندما اختفى..

على قدميه مشى "كريس"، جاب البلاد الكبيرة مشيا على الأقدام وترحالا على ظهور سيارات المتعاطفين..
فوق كتفه حقيبة ظهر زرقاء..
ومن وراءه كل شيء يسعى صديقه الإنسان اليه.
ترك كل شيء وجرى بإرادته المحضة خارج دائرة الراحة.

رحيل ومن ثم عودة الى باص مهجور وجده في أحد الغابات البعيدة أسماه (الباص السحري)
بين التنقل صادف بشر وحيوانات، أصدقاء وأحباب لم يعرفهم به إلا الطريق.
ساعد الكثيرين وساعده الكثيرين.
أثّر بحياة الآخرين مثلما أثرّوا جليّا بحياته.
اصطاد عشاءه ثم أكله الدود منه ..
غنّى معها بدلا من أن يلمسها..
وأعاد دون ان يعلم عاشقين الى حضن بعضيهما بعدما قاربت الشمعة على الإنصهار داخل القلوب.

عمل من أجل حفنة من المال الذي حرق حالما بتلك الرحلة الكبيرة التي سترسله الى ضفة النهر الأخرى، خلف نهد الجبل الكبير .. بعيدا .. الى وجهته .. ألاسكا.

"كريس" كان شابا مهووسا بالحرية، مطموسا بالتمرد..

محبوسا في دوّامة التشرد الإرادي التي أحبها الى أبعد الحدود فصال الأرض وهو ينادي نفسه ويناديه الجميع Super Tramp او المتشرد الخارق.
لمس حياة الكثيرين ممّن عاشوا ليحكوا عن "كريس" وحلمه الكبير بالإنشقاق عن القطيع والسفر طائرا على الأرض دون أن يوقفه أحد.
كتب "كريس" في حافلته الكثير، عن الخوف، الوحده، الصداقة، الألم، الطبيعة، استنشاق الهواء وغيرها من الأشياء التي لم يكتب أحد عنها مثلما ذاقها "كريس" في رحلته.

كمّا وُجد في باصه السحري رسالة تقول " لقد عشت حياة عظيمة واستطعمت الجمال مثلما لم يذقه أحد .. فليبارككم الرب".
مات "كريس" جوعا وعجفا في الحافة السحرية موتا مؤلما بطيئا جدا .. لوحده.

لم اكتب عن الفيلم لأتكلم عن المناظر الطبيعية الخلابه، عن الأداء الرائع، عن ابتسامة الممثل التي يرى المشاهد فيها بريقا خاصا، عن الأحداث الذهبية، عن الكتابات العميقة او عن النهاية المأساوية لفتى عرف مسبقا نهايته المأساوية ..
أو حتى عن صورة "كريس" الحقيقي التي التقطها بنفسه أمام باصه السحري ..

ولكني كتبت لإن الفيلم دعا شيئا خفيّا فيني الى التمرد أكثر ممّا أنا متمردة ..

مجتمعنا .. ذلك الهلامي اللزج الذي يعصرنا أحيانا الى حد الإختناق ..
تلك العيون المتلألأة الكبيرة التي تلتصق فينا كحشرة سمجة ولا تتركنا..
تلك العنجهية المعجونة فينا بلا توابل ولا سُكّر..
تلك المطارق الخشبية التي تطرق حُكما هائما علينا، فوق رؤوسنا عندما نخرج قليلا عن المألوف أو نكون أنفسنا لدقيقة واحدة مسروقة من جيب الأعراف الضيّق ..
ذلك الكيان الغير متجانس، الغير متآلف، الغير منطقي والغير مقبول في قلب كل واحد وواحدة فينا تستعير ميكروسكوب صادق من مختبر حريتها المعتم وتضعه أفقيا فوق كيانها ..
داخل رأسها أو على قمة سعادتها التي بعد لم تصل لها!

لماذا أجد نفسي محاصرة بعشرات من العيون عندما أرفع شعري وارتدي شيئا مريحا جدا في يوم ويك أند بالراية؟
لماذا لا استطيع الجري خلف صغيرتي عندما تترك يدي في الآفنيوز؟
لماذا لا يسمح لي بضم زوجي على عيون الملأ عندما يخبرني شيئا رقيقا ونحن نمشي في الجمعية؟
لماذا لا اغنّي بصوت عالي وأنا أمشي في شارع المشاة؟
ولماذا لا احضر فلما في السينما وحدي؟ .. وأجلس في شيليز آكل وحدي؟ وأرتشف عصيري على رمال البحر وحدي؟

اليوم في صباح الآفنيوز رأيت 4 فتيات صغيرات يلعبن "فتّحي يا وردة" وقفت أشاهدهن وابتسم لجمال المشهد وحلاوة الذكرى ..
بيني وبين نفسي غنيت معهن. .
وددت لو أفك العقدة بين ايديهن وألعب ..
سحبني زوجي من يدي فتذكرت "كريس" ..
سحبت يدي وسألته أن ينتظر ..
ذهبت للصغيرات و أستأذنت بالدخول في الدائرة، بلا استنكار رحبن بي وسألنني ان كنت أعرف الأغنية ..
أجبت بطفولة باهتة ..(نعم)
بدأت اللعبة وبدأت أغني، أفرد يدي، أدور حول نفسي ..
(( علي بابا .. علي بابا .. عدّي لمّا العشرة ..))

من الناس .. لامستني ندرة من الإبتسامات الصافية، صغرّتني بعض الضحكات المشوبة بالسخرية، وصفعتني بعض النضرات المقتضبة .. لم تهمني، ولم اترك اللعبة إلا عندما انتهت الأغنية.

في السيارة كان طريق العودة وعرا بالتساؤلات ..
متى آخر مرّة فعلت شيئا جديد أجربه لأول مرّة في حياتي؟
ماذا سيحصل لي لو خرجت من دائرة الراحة التي تعودت عليها؟
ماذا سأعرف عن نفسي لو ابتعدت قليلا عن نفسي؟
كيف هي القمم التي أخاف؟ والأعماق التي تخنقني؟ والمخلوقات التي لم افتح عيني لأراها؟
من يعيش في ذلك المكان القابع بعيدا عن كهف المجتمع؟
...... اين هي ألاسكتي؟

من كل تلك الأسئلة خرحت ببعض الأجوبة التي ارعبتني لبرهة .. التي سأرتادها في رحلة البحث عن وجه آخر لملامحي:
1- سأمشي على قدمي من بيتي الى بيت أمي، ولا يهم كم من الوقت ستستغرق الرحلة!
2- سأركن سيارتي يوما، وسأركب باص المواصلات الذي أصبح واحد من المحرمات الاجتماعية على كل شخص يحمل جنسية كويتية!
3- سأشتري فستانا بأقل من دينار كويتي وألبسه في واحدة من طلعاتي الإعتيادية.
4- سآكل يوما لوحدي في مطعم مزدحم.
5- سأبتسم في وجوه هؤلاء الذين لا يبتسمون.
6- سآكل خضار وفواكة ((فقط)) لمدة أسبوع كامل.
وأخيرا .. سأكتب لكم عن كل تلك التجارب ولن أخفي عنكم شيئا ..



تعليقات

‏قال سبمبوت
الى كل من يرغب بالتعليق .. أواجه مشكلة حيث يتعذر التعليق على المواضيع لأسباب لا افهمها !! سأحاول اصلاح الخلل بأسرع وقت!
صندوق التعليقات عندي مختلف عن كل المدونات الأخرى ولا اعرف كيف أجعله بالشكل المألوف!!

لا اريد (تحديد ملف التعريف ) بهذه الصورة، اريده بخانتين لوضع حساب غوغل المعتاد أو الاسم والهوية!؟

يرجى المساعدة.
‏قال غير معرف…
nice story ..
‏قال nikon 8
عيشي حياتك كما أنت بدون تكلف وأطلقي لطبيعتك العنان ... ضحكي .. إبكي ... رقصي ... ومارسي الطفولة مع صغيرتك ... إش ورا الدنيا ... إستانسي بس :)
ونحمد الله إن عندنا دين تارس الناحية الروحانية فينا ولولاه كان علوم .
بوست جميل وعميق ولكن إياكم والتمرد الزايد على أنفسكم :)
‏قال ZooZ "3grbgr"
ولماذا لا احضر فلما في السينما وحدي؟

فعلتها

وأجلس في شيليز آكل وحدي؟

فعلتها

وأرتشف عصيري على رمال البحر وحدي؟

فعلتها

سأمشي على قدمي من بيتي الى بيت أمي، ولا يهم كم من الوقت ستستغرق الرحلة!

فعلتها للجمعية والفرع والخباز وفرع البنك
بالشتاء طبعاً هههههههه

سأركن سيارتي يوما، وسأركب باص المواصلات الذي أصبح واحد من المحرمات الاجتماعية على كل شخص يحمل جنسية كويتية!

كنت مع أبي يومها لم أتعدى العاشرة

سأشتري فستانا بأقل من دينار كويتي وألبسه في واحدة من طلعاتي الإعتيادية.

ممممممم بدي ينفع؟

سآكل يوما لوحدي في مطعم مزدحم.

فعلتها في شيليز ومعي مرة كتاب ومره لابتوب

سأبتسم في وجوه هؤلاء الذين لا يبتسمون.

ههههههههه ومن ذاك الذي لا أبتسم بوجهه يمكن يبيلي أسوي العكس

سآكل خضار وفواكة ((فقط)) لمدة أسبوع كامل

ةاشعري بالطيران ..
إحساس عجيب

أي اقتراحات اخرى؟؟

:")
‏قال غير معرف…
لتغيير طريقة التعليق

اعدادات


تعليقات

في نبد ( من يكمكنه التعليق )

اختاري الخيار الذي ترغبين فيه

و في بند ( نموذج التعليق )

اختاري الخيار الاول وهو :

صفحة كاملة

ثم حفظ الاعدادات
‏قال Sweet Revenge
مو لازم تروحين الاسكا او تكونين في مكان مختلف
دوريها بقلبج وكوني نفسج
في قواعد عامه صحيح يجب مراعاتها بس اي شي ثاني ليش يمنعني ؟
ومنو له الحق ومن الي نصب نفسه قاضي علي الناس
‏قال سبمبوت
غير معرف: شكرا

nikon 8: هذا إللي قاعد أحاول أسويه .. اريد أن أترك الحياة لتعيشني، الاحداث أن تأخذني .. ولطبيعتي ان تحيا داخلي دون أي تدخل من أحد.

zooz 3grbgr: ما شاء الله عليج ..
أنت حرة .. وعسى الله يديم عليج هالحرية. شاركيني كلما وجدتي تحدّي لقيتي فيه نفسك مستمتعة وحرة طليقة طايرة في السماء.

غير معرف: شكرا شكرا شكرا

Sweet Revenge:النظرة قاضي .. والكلمة قاضي .. والحش والنميمة قاضي .. بس تدرين احنا إللي خلينا هالقضاه علينا ونصبناهم في مكان ما يستاهلونه. حلمي أن لا أدع الناس تأكلني بعيونها .. وان فعلوا حلمي ان لا ارى وجوههم.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

" غدّونة" تذهب للمدرسة !

أنا عندي أرنبه ..