المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠٠٩

يا رب ارحم .. عمي خالد الجيران !

مات عمي خالد الجيران .. في الأمس بين أهله، حوله أحفاده .. في بحر الكويت .. في طلعة شاليه .. ينادي الجميع ليجربوا الماية الجميلة .. لم يغرق .. ولكن وسط الماء توقف قلبه الحاني .. ومات! الرجل الذي فتح قلبه لآلاف الشباب .. الرجل الذي فتح بيته لمئات الفتيات .. الرجل الذي لا يخطو خطوة واحدة حرة في بيته .. يجب أن يتنحنح ويستأذن الدخول حتى في صالة معيشته .. قريبات بناته .. صديقات بناته .. وكل من يعز عليهم هناك وجدوا في بيته بيتا ثان .. وفي ظله .. مأوى يعج بالدفئ .. ويفيض بالترحاب .. مات عمي خالد الجيران .. الرجل الذي حسبته منذ صغري أبي الثاني .. كم تمنيت لو رضعتني خالتي فأكون بنته .. الرجل الذي علمنا منذ الصغر .. أن هناك وقت مستقطع لنلعب مع عمي خالد .. كل الألعاب التي لم يلعب معنا آبائنا .. فلا وقت لديهم .. أو لم يكونوا يعرفون! ليته علمهم كيف يشغلوننا بلعبة بر - بحر .. أو جمل ماشي .. عالمماشي .. جيت اضمه .. خطف شاشي .. مات عمي خالد الجيران .. الرجل المستقيم .. الجميل .. الذي يحبه الجميع الرجل الذي تشع في وجهه ابتسامة أبدية عند مرأى أحفاده الذي لا ينام إلا عندما يطمئن على التسعة من ابناء

استرسال ..

تتملكني رغبة عارمة بالإسترسال .. بماذا .. لا اعلم ! منذ البارحة وانا اشتهي أن القي نفسي في حمام سباحة..أن أمد ذراعي الى الأمام واسحب جسدي تباعا ورائها،أتمرغ بالماء فيطويني معه الى طويات متراكمة! اتمخطر يمينا وشمالا .. وعندما اشعر ببدايات الإختناق، أرفع رأسي الى السماء .. اسحب رمق الثانية القادمة وأعاود من جديد. القي ذراعي الى الأمام .. أمدها لأمسك بشي ما .. ثم أسحبني إليها .. من يحاول اللحاق بمن؟ أنا ام ذراعي؟ تتملكني رغبة عارمة بقراءة كتاب شعر! مثل ذلك الكتاب الصغير لنزار قباني، الكامل ذو القصيدة الطويلة الواحدة .. من أول الكتاب الى آخره قصيدة مسترسلة لا تتوقف .. عن فتاة تسترسل في الغوص في أعماق نفسها، لوحدها في مخدعها تتفحص وجودها وكل ما هي عليه.. وهي حافية القدمين! تتملكني رغبة عارمة بالإسترسال بقراءة رواية ترعبني مثل "شقة الحرية" كانت أول الروايات السوداوية البيضاوية التي أقرئها، كان عمري ستة عشر .. ولم أنم الليل عندما قرأت فصل تحظير الأرواح، عندما صرخ في النهاية " لحقوني لحقوني .. جدتي تبيني انتحر!" تتملكني رغبة عارمة بالإسترسال في قول حقيقة ما لشخص يستحقها

بوكيه ورد .. حقيبة جديدة .. وهدية أخرى!

صورة
على مكتبها قبل أن تدخل بوكيه ورد، ملوّن وجميل مليئ بالجوري الصغير الذي تحبه. يسمونه في محل الزهور المفضل لديها "بيبي روز". ألوان البوكيه انثوية ودافئة: وردي، زهري، بنفسجي فاتح وأصفر طفولي. علمت ما ان لمحت عيناها البوكيه انه من زوجها. ابتسمت وهي تدخل مكتبها، وضعت حقيبة يدها واقتربت من المزهرية واستنشقت الألوان، أعجبتها وأضاءت نورا لطيفا في نفسها. ولكنها أحسّت برائحة الورد العذبة قوية ودافقة كادت تخنقها .. زفرت وفكرت في الحيل التي باتت المحلات التجارية تنتهجها لتسوّق البضائع وتجلب الزبائن .. حملت الفازة الى الطاولة البعيدة .. " لا داعي لرش الزهور برائحة مصطنعة .. فرائحتها الطبيعية أجمل وأصدق" .. تمتمت لنفسها. التقطت الكارت الملفوف بالزهور وفتحته برويّة، كقطعة من الشوكولاته اللذيذة وضعت الكلمات وسط فمها وتركتها لتذوب ببطئ، أغمضت عينيها وقرأت بقلبها: " كل عام وانتِ دوما أجمل ما في أيّامي .. الله لا يحرمني من منج". ظهرت دمعة صغيرة في عينيها، ولكنها فجأة انتحبت .. بكت بصوت عالي وتكاثرت الدموع كادت تغرقها. احرجت من الموقف الغريب عندما أطلّت برأسها السكرتيرة الهن

عشرين سبب .. يخلينا نحب الكويت .. بالصيف !!

صورة
يسافر الكويتيين الى وجهاتهم السياحية .. ويسافر الوافدين الى عائلاتهم واوطانهم .. فتصبح الشوارع شبه خالية، وتكسى المجمعات والسينمات والمطاعم بصبغة صيفية جميلة .. وروح ترحب بكل من تبقى في الوطن! _________________________________ في كل محل نجد صنادل البحر المطاطية الملونة .. خفيفة وشفافة تشبه مكعبات الجيلي او حلوى الديدان المكسوة بالسُكر. والكل يحرص على اقتناء على الأقل ثلاث أولان مختلفة منها .. _________________________________ يحرضنا الصيف على إرتكاب قصة شعر قصيرة جدا .. أما ذوات الشعور الطويلة، فيخرجن كل التوكات الملونة من الجوارير العميقة! ______________________________________ آيس كريم .. آيس كريم .. وايضا آيس كريم ______________________________________________ يفتح شاطئ المسيلة أبوابة 3 ايام بالأسبوع للنساء فقط .. فتجري كل فتاة لرحلة تسوّق خاصة وطارئة جدا .. لإقتناء أجمل مايوه سباحة! ___________________________________ تختفي زحمة الصباح .. فلا مدارس ولا جامعات. ينعم الموظفين الذين لازالوا على مكاتبهم بنصف ساعة نوم اضافية ((بدل الفزعة من الفجر)) لإنهم يعلمون ان ا

ثلاثية فريرو روشيه ..

صورة
تنويه للقارئ الجديد .. ننصح بقراءة الجزئين الأول والثاني قبل الشروع في تذوق الثلاث حبات ! (3) الثلاث حبّات ... قبل النوم أغسل وجهي .. اتعطر برائحة الفانيلا وأرطب شفاهي بفازلين! لا اعلم لماذا لا أستغني عن الفازلين رغما عن أنف كل المنتجات الباهضة الثمن التي أشتريها من باريس! كلها بلا استثناء فشلت في التغلغل بقناعاتنا الصحراوية الكالحة .. بينما نجح الفازلين بالمرتبة الأولى .. نلف العالم ونعود اليه! في عمق الليل وفي وسط الفراش ارفع رأسي من على وسادتي فجأة، لمحت عيناي ضوء أزرق يحط فجأة على الطاولة التي بجانب رأسه! هو نائم والساعة تشير الى الرابعة واربعين دقيقة. في عُشر الثانية ذاك .. تماما بعد الضوء الأزرق وقبل ان يستوعب رأسي الوقت الذي شع فيه، تذكرت هيروشيما !! تماما مثل الليلة، بصمت الليل والناس نائمون سقطت قنبلة على صدر الأرض فقتلت الملايين وشردت الآلاف وشوهت حتى الأجنة في بطون الأمهات! تماما مثل الساعة الرابعة فجرا والدقيقة الأربعة والأربعين سقط ضوء ازرق على هاتف زوجي الصامت .. فقتل ملايين الآمال .. وشرد احتمالات الغفران، وشوّه أجنة احلامي في "أن نكبر ونشيخ ونموت معا!" أمد

ثلاثية الفريرو روشيه ..

صورة
(2) المستطيلة ذات الطابقين على الكرسي الخشبي المقابل للميز تواليت أجلس .. أضع رجلا على رجل وأحتفل بأحقيتي بالجمال! بيني وبين الطاولة "الأنتيك" التي اشتريتها من برشلونة علاقة وثيقة، صدرها رحب يسع كل أغراضي، والخشب الذي صنعت منه يحكي لي كل يوم حكاية. المرآة المعلقة ايضا صديقتي .. تقول لي كزوجة أب سندريلا أنني الأجمل دوما، ولكن المرأة في الحكاية الشهيرة شريرة تريد الهلاك لسيندريلا .. وانا .. طيبة، أبتلى بوفاء ولا أحقد عليها .. لا ابعث الصياد ليقتلها. أنا طيبة ابتلي بوفاء .. وأسامح! مباشرة من العمل يدخل للغرفة ويراني على الكرسي الجلدي المدبوغ بعلامة جلد " كينغ رانش" الأصلي .. طلبناه خصيصا من الولايات المتحدة لإنني ببساطة أحب الأفضل في كل شيء. يبتسم بوجهي، يقترب نحوي ويطبع قبلة شغوفة بين عيناي. تعودت عليها فلم تعد تعنيني الأسباب الخفية ورائها .. مثل كل يوم أسأله عن يومه بينما يغير ملابسه، يقشر نفسه من الدشداشة البيضاء الناصعة ويعلقها جامدة هامدة على علاقة الملابس الخارجية .. كأنه يشنقها وكأنها تستسلم! انظر الى قطعة القماش المدلاة وأسأل نفسي إن كنت مثلها .. يلبسني و

ثلاثية فريرو روشيه ..

صورة
(1) العلبة المسطحة هناك شيء مختلف في شفتينا .. ربما كانت كلمة تعثرت قبل الخروح .. أو ربما هو الصمت ! لم نعتد على الجلوس طويلا مع بعضنا بلا كلام، ولم أتخيل يوم انني سأكون من هؤالء النساء الذين حتما كنت اليوم واحدة منهم !! قبل أكثر من أسبوع فقدت اكثر من نصف قلبي! في ساعة ما أقل قليلا من منتصف الليل، وعلى شبه غفلة منه جاءته رسالة شبه متوارية على هاتفه النقال، رنّت فممدت يدي ببلاهة عشوائية وفتحت نصف الصفحة .. كانت رسالة منها!! هي من؟ لا أعلم! ولكنها كانت تقول له أنها اشتاقت اليه، وان علبة الكاكاو التي وصلتها منه أعجبتها! قالت له "شكرا" فهي لم تذق طعم الفريرو روشيه من قبل! منذ ذلك اليوم وأنا لم أذق طعم غرامي المتأصل في الشوكولاته! لم تعد الأولواح البنية اللامعة تغريني. منذ ذلك اليوم وأنا أرى كور الفريرو روشيه الذهبية تقفز فوق رأسي، تناكفني، تمد السنتها الصغيرة وتسخر منّي! هل أهداها العلبة الكبيرة المسطحة؟ أم تلك العميقة ذات الطابقين؟ لا أعتقد أبدا أنه اهداها كيس الثلاث قطع ..! كيف يسمح لنفسه أن يعطيها هدية مكتوب عليها اسمي؟ لم يجد إلا نوعي المفضل من الشوكولاته؟ زجتني الرسالة في

سبع لفافات ..!

صورة
أراها كل يوم .. حاضرة و مواظبة كطالبة مجتهدة لا تفوت درسها، تجلس على واحد من المقاعد الأربعة على الطاولة الكبيرة التي تمددت أمامها على الحائط مرآة اكبر من جسدها و من جسد الطاولة. لا اعتقد انني رأيتها داخل المسبح، ولكني اعلم انها كانت داخله لإنها دائما تجلس هناك تجفف شعرها - او ما تبقى منه - من أثر المياه! في البداية وبعد اسبوع من رؤيتي لها في نفس المكان كل يوم، تلتقي اعيننا فلا نجد ما نقوله لبعضنا سوى ابتسامة! بعض النساء يملكن نظرات حانية كالتي أراها في عيون جدتي، فلا أجد ردا عليها سوى ان أومئ برأسي و ابتسم، انشغل في تغيير ملابسي ووضع حاجياتي داخل الخزانة، ثم اخطف نظرة سريعة عليها. كل يوم تجلس على الكرسي أمام المرآة، تسحب كيسا قماشيا صغيرا من حقيبتها، تضعه أمامها على الطاولة وتخرجهم من بطنه واحدة واحدة، و عندما أدقق اكثر .. ارى شفتاها المتعرجتان تعدهم: واحد .. اثنين .. ثلاثة .. اربعة .. الى ان تصل للسابعة. تلمهم كأنهم اطفالها الصغار، توقفهم بانتصاب في طابور منظم امام عينيها ثم تبدأ يداها المدربتان بسرعة فائقة في التقاط الواحدة بعد الاخرى، تلفهم على شعرها .. او ما تبقّى من شعرها بسرعة

اليوم الثالث ..

صورة
قلت له يوما أنني متضايقة .. سألني فأجبت: (( لم أكن اريد أن احبك الى هذه الدرجة .. فالحب يجعلنا في حالة غريبة من الضعف !! )) في السيارة اوصلك للمطار وأبكي من تحت نظارتي السوداء، تقيني من الشمس ولا تقيني من الحزن الذي اجتاحني. أيادي صغيرة مدربة على العصر، تمتد الى داخل صدري وتمسك بقلبي وتعصره بين اصابعها الحديدية المدببة. سألتك أختي قبل ساعة إن كنت ستبكي فقلت بها (( I don’t think so )) أحببت احتمالية أن فراقي سيدمع عينيك التي نادرا جدا ما تجود بأمطارها .. في السيارة وانت بجانبي .. تمسك يدي وتسمع شهيقي .. تعصر عيونك ببعضها وتحاول ان تكتم النشيج الذي يعتري ملامحك .. لا تحاول كثيرا، فنظارتك طبية شفافة ليست سوداء كنظارتي .. أنا ارى أنك تبكي حتى لو لم التفت اليك. في البيت قبل أن نركب السيارة لوحدنا واقفين قبيل باب الوداع .. اضمك الى صدري لأكثر من ست دقائق .. أقول لك أشياءا كثيرا لا اتذكرها .. تضمني الى صدرك .. لا يهمك قصر قامتي ولا انعطاف جسدك جنوبا نحوي .. تضمني بذراعيك ويلمس جبيني شعرك .. أشم رقبتك، العطر الذي نام عليها .. ولا أتوقف عن البكاء. أودعك في المطار وأعود ادراجي الى السيارة .. ار

عن أمريكا .. شيكا بيكا !!

صورة
للشجر الطويل الأخضر المتشعب الغصون هيبة كبيرة.. يقفون حراسا على الأرض فيذكرون الناس أن الأرض كائن حي مثلهم تماما له طعم ولون ورائحة .. وشموخ صغرت عيون الناس .. وكبرت صحونهم! الحشرات الصغيرة كائنات مستحبة تقاسمنا المنزل.. لإن العشب الأخضر في مساحات البيوت الخلفية ضرورة قصوى مثل الكراج والحمّام. حجم البيوت ربع بيوتنا .. ولكن في كل زاوية تجد لمسة، وفي كل رف تجد حكاية. الشمس تغيب متأخرة .. ولكن عندما تذهب ينتهي العمل ويبدأ اليوم. ليس هناك خدم ولا مربيات .. الأطفال يشبهون أمهاتهم بصورة غريبة واستثنائية. لا حدود للحوار .. وكل نكتة جائزة بإسم الضحكة. هناك .. اكتشفت ان ابنتي انضج بكثير مما كنت اعتقد .. وعرفت ثلاث أشياء جديدة عن زوجي. للبعض العلاقات الإنسانية عندهم تاريخ انتهاء صلاحية. اذا لم تكن تعمل .. قم بعرض حياتك في تلفزيون الواقع! الأسواق مكتضة.. السيارات الجديدة تملئ الشوارع،عليك الإنتظار للحصول على طاولة في المطاعم .. اين الأزمة الإقتصادية بالضبط؟ عندما يعتقد رجل أن امرأة ما جميلة ينظر لها مرّة واحدة .. ويبتسم لها أكثر من مرة. حتى في امريكا .. تنتظر أكثر من نصف ساعة عند طبيب الأسنان!

امية ألف ترجية ..

أصحو وأغفو مئة مرة على كرسيي المتخشب والذي خشب ظهري معه طوال رحلة العشرين ساعة .. في الطائرة الناس لا يطيقون بعضهم .. وكلما طالت المدة .. ضاقت النفوس واختنقت الأمزجة .. ربما هو ذلك الهواء الصناعي الذي يملئون به القمرة .. فنستنشق شيئا لا يشبهما .. فنكون أشياءا لا تشبهنا !! ثلاث أفلام .. اربع مسلسلات .. رواية .. خمس أكياس شيبس .. ثلاث فريرو روشيه .. عدد ا يحصى من العلوج .. وعشرين زيارة لذلك المربع المخيف الذي يسمونه (( بيت الراحة ))! أنا وغدن نغني .. نلون .. نأكل .. نتشاجر.. في النهاية تنام عني وتتركني لوحدي! هو .. نائم م م م م م م م م م م م م م م أنا وحيدة. أثناء الغفوة تباغتني كوابيس غريبة .. وأثناء الصحوة تجتاحني أفكار حزينة .. ربما هو نواح الطائرة، أنين المحرك .. وشخير كل من حولي! متى أصل للكويت ؟ متى اشم رائحة الرمال التي كبرت وهي تعلق برجلي عندما ارتدي حذاءا مفتوحا؟ صورة رجاء محمد بشعرها الطويل وبخنقها الملون تفتل وتغني (( الكويت الكويت .. آه يا الكويت )) صوت أمي الدقيق بناديني من الأسفل للغداء .. العلم الذي يرفرف .. وصورة بابا جابر على دفاتر المدرسة والكتب المكدسة فوق بعضها ف

ليل هيوستن مختلف !

صورة
لم اكن أنام! عتقدت في البداية أن الزائر الجديد في فندق أحشائي قد عادى النوم وجعل منّي قرية صغيرة تحيي الليل وتميت النهار تماما مثل لاس فيغاس. أطرق أبواب النوم متسولة حفنة رقاد وأردد على جانبي الأيمن دعاء تعلمته خصيصا لهذه المناسبة: (( اللهم جاء الليل وغارت النجوم .. وأنت الحي القيوم، فأرح جفني وأنم عيني )) على بساط السرير أفرش نفسي، اتمدد واتقلب على جانبي، أغمض عيني بقسوة حتى تؤلمني جفوني، أعصرها، أعاندها وتعاندني فأفتحها لأجلس في عتمة الليل لوحدي. في "هيوستن" يبقى للحظات الوحدة طعم مختلف! أنبش الصناديق المكدسة في رفوف نفسي، واحد تلوى الآخر لعلي أجد السر الصغير الذي يجعلني لا أنام! على نغمات أنفاس حبيبي، موسيقاي الليلية التي تؤنس وحدتي عندما تأبى الصور في عيني أن تزول! انا وصناديقي الخشبية المزخرفة أحيانا والمملة المربعة أحيانا أخرى أجد الكثير من الذكريات. صور قديمة لفتاة كنتها، مراهقة كرهتها، وانثى على عتبات النضوج تخطو خطوة وتتردد عشرا!! يا الله كم كان شكلها مضحكا. أسنانها متراكبة وحاجباها ثمانيتان مدببتان تستقران في قمة جبينها. تلك الفتاة كانت تحلم كثيرا، تكتب كثيرا وتكذب

على طبق من فضة

لم يكن ينتظر دراما وانهيار .. كانت الصدمة غايته. نظر الى نفسه بالمرآة وانتفض، لأول مرّة يرى ملامحه ملونة، معجونة بتفاصيل بعضها ومرشوشة بسطح ابيض كالطحين. لأول مرّة ايضا يجد نفسه وجها لوجه مع مقتنياتها، بخلوة شرعية مع قواريرها الكثيرة المصفوفة على الطاولة، انابيبها وعطورها .. عالم مختلف .. كل ما فيه صغير وبرّاق. أخذ قلم الكحل الأسود ورسم خطا قاتما داخل عينيه، حرقته عينيه فأغمضهما وفكّر ان كانت البادرة صحيحة من الأساس..؟ ولكنه ملّ الاهمال وسأم الاختناق! سمع صوت سيارتها ففتح عينيه، رأى رجولته كلها أمامه، ملطخة بمساحيق تجميل زوجته، شعره منكوش واجفانه بنفسجية فاقعه وشفاهه حمراء وخدوده وردية. يرتدي قميصها الأزرق الحرير ويضع عطرها بنكهة الفانيلا .. كان في تلك الليلة نسخة قبيحة وغير متجانسة منها .. تماما مثلما اصبحت هي .. جلس في صالة الاستقبال، يضع رجلا على رجل، يغطي رجليه المشعرة حريرها الناعم، ويلبس في رجليه الكبيرتين حذاءا ليليا مطوقا بالفراء. اعلنت مفاتيحها بشائر قدومها، خفق قلبه .. فُتح الباب ففتح عينيه عليها. " مساء الخير" قال .. نظرت نحوه وشهقت، وضعت يدها على صدرها واغمضت