ساعة " واحدة لا تكفي "!




يناكفها الوقت، يستنزفها كآخر قطرات غيث وعد الناس على الأرض ولم يعد! تطل في ساعة معصمها، ثم الساعة المعلقة على جدار المطعم الفاخر. كانت ساعة سويسرية من رصعها صانعها بالكوارتز وحبيبات كريستال باهظة الثمن. كانت تطالعها بتعب، فلا يعجبها الوقت المطبوع على وجه الساعة فتحاول بيأس ان تسترق خبر الوقت من الساعات التي تطوق سواعد من بجانبها من المنتظرين.

الانتظار أحيانا يكون آلة عصر، تعصر بواقي الصبر الذي خلفته لنا الدنيا بعد مجموعة متلاحقة من المصاعب. كانت جالسة على جمرة، تختنق بطوق الانتظار خلافا عن الباقين الذين كانوا يجلسون على نفس الكراسي الوثيرة ينتظرون .. مجرد طاولة.

أراها من بعيد وأعلم أنها تعيش لحظات استثنائية بغير مقاييس لحظاتنا..
كانت هناك طاولة، يجلس عليها رجل وامرأة يتقاسمان حديث شهي ينسكب رقراقا كلما أتى النادل ليملأ كأسيهما بجرعات جديدة من ماء بارد. كان الرجل كبيرا مهابا مبتسما، وكانت المرأة نشيطة وحيوية ولا مبالية. كانت ترتسم عليها إمارات خجل بين فترة وأخرى، وكأنه يقتنص الفرص ليمطرها بوابل جديد من الإطراءات التي تورد خديها. كان هو بمنتهى التحكم بزمام الموقف، يعلم متى يتكلم ومتى يتوقف. يعلم متى يستمع ومتى ينصت. يعرف متى ينظر في وجه المرأة الذائبة أمامه، ومتى يحدق في عينيها حتى تسدل جفناها للجنوب وتبعد عينيها بعيدا عن عينيه المتمرستان.

هي .. الوحيدة الجالسة في البعيد، كانت مع ساعة يدها وساعة الحائط، وساعات الناس المحيطين بها. لا يعرفونها ولا يهتمون لوجودها .. وهي ايضا لا تهتم بهم، فقط بتلك الطاولة وذلك الرجل .. وتلك المرأة.

كنت لازلت بانتظار مجموعة من الأصدقاء، كنت اجلس لوحدي في المطعم المزدحم فقررت ان اترك مكاني وأجلس بجانبها. فستانها الأسود الفضفاض، حجابها الملقى على رأسها بلا مبالاة، ووجها الأصفر الذي تعلوه نظرة مرتعبة. كثيرا ما تساءلت عن تلكم النساء الذين يعلمون مسبقا عن شحوب وجوههن، ولكنهم لازلن في علاقة متخاصمة مع الكحل! خط واحد فوق الجفن السفلي من الممكن ان يغير اللون الشاحب ويجعل الوجه أكثر حيوية. وددت لو أعطيها قلمي، وارجوها ان تخط في جفنها خط حياة.

أغير مكاني، أجلس بجانبها .. أشم رائحة غريبة تنبع منها، ربما كانت رائحة حزن، او عبق الدموع التي خضبت ليلة البارحة وسادتها! أقترب أكثر، اشعر بحرارة جسدها، يلسعني وهج روحها، أود لو أضع يدي على جبينها لأتأكد من سلامة صحتها! كانت المرأة تشتعل!

انظر إليها بطرف عين، اعلم أنها تنظر للساعة، ثم لتلك الطاولة. انتظرها لتعيد وجهها لمكانه لأباغتها بسؤال:
( أختي .. كم الساعة؟)
ووجهها للامام:
( تسع وخمس وخمسين دقيقة )
أحاول استمالتها:
( ما صارت عشا هذا سحور .. كنت تنطرين وايد؟ )
بألم:
( من ساعتين )
بإصرار:
( شاالله حادنا؟؟ والله كأني بشيل شلايلي وارجع بيتي احسن لي .. عيل ساعتين اقعد انظر طاولة؟)
باستسلام:
( آنا مو ناطرة طاولة .. آنا ناطرة زوجي )

لم استمر بالمناكفة .. ولم استطع استدراج النكبة أكثر .. ولان الكويت صغيرة جدا .. عرفت من هي فيما بعد، وعرفت أنها كانت تبحث لزوجها عن الزوجة الثانية .. لإن الشرع حلل له اربع، ولإنها كانت حريصة جدا على ان لا تمس زوجها السنة الحرام!!



تعليقات

‏قال Princess Sarah
سارة حبيبتي ..
ولكم بااااك :) :) :)

:

رجوعاً لدقائق القصة و عقارب ساعتها
لا استطيع أن أقول إلا أنني شعرت بروحها المحترقـة .. في أعماقي ...

جميل :)

تحياتي و محبتي

:
‏قال ikhalifa
معلش فهمي على قدي
زوجها مع زوجته الثانية؟ و لا قاعد يتعرف و لا شو السالفة
‏قال الاوركيده
شلونج يالغالية

بشرينا عنج وعن الحلوين غدن وهنا

الله يعين قلبها وحرتها علشان هو يستانس

تتحمل وتشوف جدام عينها

:(
‏قال ~ هند ~
صج "قويه" >>القصه والمره

بس تعور :(
‏قال may
سبمبوت
ماشاء الله عليج
اسمحي لي اقول لج انج مبدعة
اولا : مشاعرج وإحساسج القوي بالزوجة الشاحبة.. تدل على قلبج الكبير..
ثانيا : اسلوب صياغة القصة أكثر من رائع..

بالتوفيق ،،
‏قال alala
ابي افهم اذا اهوه في قعدة تعارف مثلا حضورها شنو اهميته ؟؟؟

اذا اهيه راضية بالشريكة و اللي اهيه تحر لو هي بالقبر وجودها شنو سببه ؟؟؟

اذا اهوه ما يخاف الحرام و هو يدري ان الشرع محلله 4 وم لا يخاف الله في اللي قاعدة على نار ... ما يستاهل
‏قال غير معرف…
قصة أخاذة
ما أعجب و أغرب تصرفات البشر
تحياتي لك سبمبوت
م ح م د

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

أنا عندي أرنبه ..

" غدّونة" تذهب للمدرسة !