فشلة إنسانية ..


المرأة الكويتية تكفل أبنائها من آباء غير كويتيين مدى الحياة بعد أن كانوا يطردون من أرض والدتهم عند بلوغهم السن القانونية ولم يحصلوا على وظيفة تكفلهم تحت إقامة " عمل"! يطلق البعض على هذا الإعجاز الآدمي الذي توصل إليه المجلس الأغر أخيرا: " لفتة إنسانية". والله فشلتونا، أول كلمة ينطقها لساني بعد ان رأيت "الليبل" الذي ومن وجهة نظري أعاد صياغة مفهوم " الإنسانية" بما يتناسب مع كويت القرن الواحد والعشرين.
إذا كان لدي قفص "دجاج" بيَاض، وقررت في يوم من الأيام أن أترك البيضات تحت الدجاجة الأم وعدم أكلهم "ساني سايد أب" لأنني أريد أن أرى الصيصان تفقس وتكبر وتصوصو وتفرح فيهم أمهم الدجاجة، هذه لفتة إنسانية!
ولكن أن أزعزع أمان أسرة سيدة كويتية منتجة وعاملة، شاعرة وأديبة، مهندسة او دكتورة او معلمة او حتى ربة منزل فاضلة، بقانون يأخذ من شغاف قلبها فلذة كبدها ويجعلهم تحت طائلة ظرفية لإيجاد عمل او العودة الى بلد الأصل الذي في أحيان كثيرة لا يكون بلد المنشأ، هذه جريمة إنسانية يجب أن يعاقب عليها القانون. أما معجزة اقتلاع هذا القانون الجائر أخيرا من لوائح وزارة الخارجة، ووضع قانون " الفِجلة .. أقصد اللفتة الإنسانية" السابق الذكر ما هو إلا حق بديهي سُلب تحت مسوغات جائرة، بدائية وغير منطقية. ثم عاد لصاحباته بعد أن أصبح للمرأة الكويتية ثقل سياسي وتواجد رسمي في الماكينة الذكورية التي كانت "تتعصّر" لوحدها لتتفتق قريحتها وتُفرّخ قوانين هذا البلد!
أتساءل إن كانت اللفتة الإنسانية التالية التي سيقرها " عناترة" المجلس هي " السماح للمرأة الكويتية ان توقع على أوراق إجراء عملية جراحية مصيرية لأبنائها دون الرجوع للأب"! او ربما تكون " أن يتساوى الأبوين في حق استخراج شهادة ميلاد الأبناء واستلامها من الدائرة الحكومية المعنية" او يمكن اللفتة الإنسانية التالية هي " الحق في ان تسجل الأم أبنائها في المدارس دون الحاجة لتوقيع الأب؟!؟
من عجائب هذا الزمان أن توضع خياش المعونات الغذائية التي ترسلها الكويت لمجاعة افريقيا، و حق المرأة الكويتية " ابنة هذا البلد" في ممارسة أمومتها بسلام تحت مسمى موحد، هو "اللفتة الإنسانية" بلا فواصل ولا فوارق ولا سدود! أن تكافح وتناطح سيدات هذا البلد للحصول على صك الأمومة الأبدي، بينما هو حق سماوي وفطري وإنساني وبديهي كفلته كافة الديانات السماوية والأرضية، وتبنته كافة الأمم والشعوب من إنسانية وحيوانية وميتافيزقية!
ترى كم مقال سيكتب في صحفنا الغراء، إن صرحت العراق مثلا أنها ستستمر في دفع مبالغ التعويضات المالية للكويت من منطلق " اللفتة الإنسانية"؟ كم نكتة سيبتكرها الكويتيون ويتناقلونها عبر الإس إم إس والبي بي؟ وكم كيلو "زبد" سيتطاير من الأفواه الكويتية صراخا واعتراضا على حق بديهي أقرته محاكم الأمم المتحدة لصالح الكويت؟
لدينا خلل في تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقيه. تتناثر المسميّات الوهمية المضحكة حولنا كغبار صيفنا الحالي. نحترف كلنا كنساء الماضي الهوهوة وإخفاء وجوهنا في العباءات السوداء. فإن لم يكن رجالات هذا الوطن قادرين على إطلاق مسمى " خطأ قانوني لا إنساني منافي للدستور" اقترفته الأنظمة السابقة في حق المرأة الكويتية، فدعونا على الأقل نتوقف عن رش الملح على الجراح النازفة ونسمي القانون الجديد "شيء تاه ولقيناه"!

10-7-2010

تعليقات

‏قال غير معرف…
قصر النظر و ضآلة المضمون
في بلدي المصون

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

" غدّونة" تذهب للمدرسة !

أنا عندي أرنبه ..