الأمومة أعمال ممتازة .!؟.

لغط كبير ذلك الذي يدور حول منح "ربة المنزل" الكويتية راتبا مقطوعا كل شهر يقدر بثلاثمائة دينار "يزيد او ينقص" نظير تضحيتها الجليلة بالعمل والمستقبل المهني لصالح تربية أبنائها وتنشئة أجيال المستقبل. اللغط كبير لدرجة أن منظومة متكاملة من قوانين منصفة للمرأة بكافة فئاتها نسفت وتبعثرت وأعيدت أشلائها من جديد الى الأدراج، لإن المواطنة الكويتية المتزوجة من رجل "فرضا و شرعا" يُعيلها، لا تحصل على راتب شهري لقاء تربيتها لأولادها!

لكل من يحترف صم آذانه عن سماع الحقيقة، وإشاحة وجهه عن قبلة الواقع أقول حاولوا قراءة الشفاه التي يبست من كثرة الكلام. لا أحد ينكر أهمية دور الأم في تربية أولادها، ولا احد ينكر أن رعاية الأبناء بتفرغ تام يعتبر واحد من أهم الاستثمارات الإنسانية على الإطلاق. ولكننا ننكر ان يوضع هذا الواجب الفطري في خانة "الأعمال الممتازة" التي يجب ان تدفع لها الدولة راتبا تحفيزيا! الأم التي تختار ترك العمل والمكوث في المنزل تتركه بمشيئتها لأنها حسبت حسبتها وقررت أن عملها بتفرغ تام لتربية أبنائها أهم من المستقبل المهني والراتب الشهري الذي تتقاضاه نضير هذا العمل، على خلاف الأم التي وعلى الرغم من إيمانها التام بدورها كأم تفضل العمل لمساعدة المعيل ماديا لتوفير احتياجات هؤلاء الأطفال، ناهيك عن الإشباع الذاتي لرغبتها في أن تكون عضوا فعالا في المجتمع، تلعب أدورا مختلفة.

لا اعرف من أين ابدأ في تعداد سلبيات هذا المطلب التي ستعود في النهاية وتنهال على رأس المرأة نفسها. هناك إصرار غريب من نواب الأمة على الاعتماد الكلي على موارد الدولة والتي هي عبارة عن بترول سينضب وينتهي في يوم ما، هذا الغرف المنظم يعطينا نحن "المغروف من أجله" إحساسا وهميا بالأمان! يعزز فينا الكسل ويبعد عنّا تلك الحاجة لإيجاد طرقنا بأنفسنا. فمثلا، بدلا من أن يقترح نوابنا منظومة من القوانين التي من شأنها أن تيسر مفهوم "العمل" من المنزل خصوصا لتلك الوظائف التي لا تتطلب "انتاجيتها" كرت وبصمة، يتم الغرف من جيب الدولة. بدلا من تشجيع المرأة الكويتية على إنشاء مشروع صغير من بيتها، وتيسير تمويل هذه المشاريع المنزلية، يفضل النواب الغرف من جيب الدولة. بدلا من دعم المنتجات البسيطة التي تنتجها النساء وهن قابعات في بيوتهن من ملابس ومأكولات وعطور وغيرها، لابد من الغرف من جيب الدولة! الكل يعلم أن نفط الدولة لن يدوم وان الجيب سيضمحل عاجلا او آجلا، كل ما سيبقى لدينا لنعيش هي خبراتنا وكل ما تعلمناه آنفا عن طرق كسب اللقمة من غير جيب الدولة!
بعيدا عن النظرة الاقتصادية للموضوع، كم رجل كويتي "حكر" سيجدها حجة نازلة من السماء لكي ينسف مستقبل زوجته وطموحها المهني لإنها لن تعود بحاجة للراتب بعد الآن؟ الحكومة الله يعزها فتحت بابا جديدا لممارسة "القوامة" على النساء، وكل من تحتم عليه رجولته تنفيذ وصية "وقرن في بيوتكن" وقد منعه العوز، سيحصل فورا على صك الخلاص من الحاجة المادية، ولا عزاء لمستقبل النساء. فكرة مهينة تلك التي تفرض علينا فرحا سخيفا بفرصة جديدة للإتكالية : " قاعدة فبيتك ويوصلك معاش" ستكون واحدة من تلك العبارات التي سيتشدق بها الكثير من "المستبسلين" كفاحا لصون المرأة المسلمة وحفظ كرامتها! المطب ما هو إلا وسيلة جديدة لتضييق الإطار وإحكام القبضة، وإن لم يكن، فلماذا لا تأخذ علاوة الأولاد من راتب الرجل وتحوّل الى حساب جاري باسم ربة المنزل؟!
26-6-2010

تعليقات

‏قال غير معرف…
عقلك جميل يا سبمبوت

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

أنا عندي أرنبه ..

" غدّونة" تذهب للمدرسة !