موجة الفتاوي الكول ..

عندما صرح أحد المشايخ " الكول" المكنّى "بالجندي" واحد من نصراء النساء، أن آية " الرجال قوامون على النساء" معناها الفقهي " الرجال خدّامون للنساء" قامت الدنيا ولم تقعد. من " القوّامون" الذين لم يقعدوا من أحس بالخطر القادم من شرق الحداثة والنظرة التقدمية لآيات القرآن الأزلية وأنكر تفسيرات الجندي لكي لا تطمع النساء بدلال من شأنه أن يهدم بنية الأسرة العربية القائمة أولا وأخيرا على طاعة الزوج بل وتقريبا السجود إليه! المجموعة الثانية، أعجبوا بنهج "الجندي" ورؤوا فيه توجها جديدا لموازنة المجتمعات التي نخرت أساستها فمالت قواماتها الى أن أصبحنا أمة آيلة للسقوط!

تدور عبر البريد الإلكتروني منذ فترة رسالة مدججة بالدليل القاطع والبرهان النافع مفادها أن أئمة الإسلام الأربعة في مذاهبهم يصرحون أن " خدمة" الزوجة لزوجها من تنظيف وكنس وطبخ لم تكن يوما واجبا شرعيا إجباريا على المرأة. وأن من يجبر زوجته بإسم الله والدين والقرآن على أن تلبي متطلباته الخدمية من غسل رجليه بالشبة والصابون، وتنظيف مكانه وتجهيز لقمته آثم، قد فهم واجبات الزوجة الشرعية بصورة خاطئة. المذاهب الأربعة التي ينتهجها السنة منذ القدم باتت – في الآونة الأخيرة- مرجعا حديثا يفرق بين واجبات الزوجة الشرعية نحو زوجها، وبين المفاهيم المغلوطة لواجبات قد وضعتها المجتمعات على كاهل المرأة وأدرجتها ضمن إطار "اللعنة" التي تحل بالزوجة ما إن ترفض خدمته!

تتناول المنتديات والملتقيات النسائية هذه الأخبار الطازجة وكأنها كنز قد نزل مؤخرا من السماء، بل وتحتفل النساء في تجمعاتهم بإنفكاك عقدة الذنب اللاتي عشن معها خوفا من النار التي أعدها الله لتلك التي لا تطيع زوجها، و يباركن لبعضهن انتهاء تأثير تعويذة النحس التي لازمتهم منذ أن خلقن إناثا! الغريب أن أغلب هؤلاء الرجال الذين يمنحون نساؤهم صك دخول الجنة مرتبطا بصورة طرديه مع رضاه عليها ام عدمه، ليسوا بالضرورة من المؤمنين الذين يعتد الله برضاهم في المرتبة الأولى. تخبرني إحدى الزميلات أن زوجها ينام على تأوهات بطلات البورنو في غرفة مغلقة بعيدا عنها، وعندما يستيقظ يطالبها بواجباتها الزوجية من تحضير الفطور وتجهيز ملابسه وإلا لن يرضى عنها وبالتالي لن تشم رائحة الجنة! تتساءل بينها وبين نفسها، كيف يجب عليها أن تكون زوجة صالحة تنتظر جنتها من زوج غير صالح!

هناك موجة من طفرات الفتاوى الدينية الموالية للنساء التي بدأت تظهر على السطح برتم خجول ولكنه موجود. لتلك الفتاوى والتوجهات أجندة واضحة في زعزعة " ثوابت" المجتمعات الإسلامية المتطرفة، ومنح النساء بشكل او بآخر رسائل ضمنية تدعو للتحرر من قبضة الحكم الرجولي، ابتداء من المنزل وانتهاء بمنصة الاحتكام. فتاوى جواز الاختلاط، فتاوى تنصيب المرأة كقاضية، قيادة المرأة للسيارة في السعودية وغيرها من المواضيع التي بات التضارب بشأنها ينفي عنها صفة " المسلمات" ويضعها في خانة مليئة بالاحتمالات.

الغريب أن بعض النساء في مجتمعاتنا لا يزلن في انتظار حكما نهائيا بعد المداولة. و بينما المرأة تنتظر، تبدأ تلقائيا في مزاولة حقا متبلدا في الوقوف على أصابع قدميها واستنشاق ذلك الهواء الحر فوق سطح الماء. المشكلة أنه لابد وأن تأتي ضربة قاصمة مثل فتوى "إرضاع الكبير" لتضربها على رأسها وتعيدها الى القاع من جديد. لابد للمرأة في هذا العصر أن تجمع شتاتها وتحكم رأيها بنفسها قبل أن تغرق الى الأبد!

19-6-2010

(( سقط سهوا ))


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

أنا عندي أرنبه ..

" غدّونة" تذهب للمدرسة !