نتلاشى للأمام (17)






في سيارتها، تقودها وسمية بهدوء مخيف..
شوارع فارغة إلا من سيارات قليلة تقود هي الأخرى بلا استهتار، أحس بقبض في قلبي. أحاول من صوبي ان استرق نظرات مقتطعة لوجه عمتي، لا تعيرني اهتمام وكأنني لست بجانبها. في سيارتها السوداء الفارهة هذه المرة لا تمسك بيدي ولا تمد ذراعها أمامي لتحميني من وقوف مفاجئ!
يدق قلبي أكثر، أعرف ان وسمية لا تصمت هكذا إلا عندما يتسلل داخلها غضب عارم، ذلك النوع من الغضب الذي لا يسحبه من صدرها صراخ ولا عويل، تؤثر الصمت لإن الغضب مارد يطرق قلبها ويقفل عليها سيل الحروف! تقف سيارة وسمية بلا مقدمات في مواقف شاطئ أنجفة، تترجل من سيارتها وتصفع الباب خلفها، تدور خلف سيارتها لتصل لبابي، تفتحه وتسحبني من ملابسي الى خارج السيارة.

يتلاشى تبلدي الذي اعتراني لأيام، يتبدد شعوري بالخدر وأشعر من جديد بدفق الجزع ذاته! على الرغم من أننا على مشارف الصيف إلا ان الجو في تلك الساعة من الليل كان بارد. لا أعلم إن كان خوفي او حيرتي ولكنني أحسست وقتها وأنا أُسحب خلف وسمية من ملابسي انني على شفا صقيع. أوصالي يابسة وشفتاي جافة، اعترتني رعشة اجتاحت خلايا جسدي، أتلوى وأنا بين يديها، يظهر لون جديد على وجهي وينزل عليّ خوف من نوع آخر، ربما كان اللون لون الخيانة والخوف خوف الإنبهار.

تغوص قدماي بالتراب، أشعر انني أغرق. قبضة وسمية التي تمسك بملابسي تقوى مع كل خطوة، بالكاد ترفعني من على الأرض، بالكاد تسيرني، أُسحب مثل الشاه على تراب أنجفة. وجهي في حالة رعب وعيناي مفتوحتان أكثر من المعتاد، التفت خلفي لأرى آثار رجلاي على الأرض طويلة، مرغمة وغائرة كجرحي.
في ساحة كبيرة من لاشيء، فضاء عميق من اللاأفكار!
آخر ما تعرفت عليه وأنا أُساق لقدري هو خيطان من بقايا دموع انزلقت من عيني دون علمي ..

تقف وسمية تماما في ذلك الخط الخفي الذي يفصل الشاطئ عن البحر، يخفت معها روعان جسدي. تأخذ شهيقا عاليا بدا لي صرخة مدوية لتقذفني بكلتا يديها لعين البحر، دفعتني وسمية الى الأزرق اللانهائي تخبطت خطواتي فسقط وجهي في بقعة تراب مبلول، اختلط ملح عيني بملح البحر فلم أعد اعرف من كان يبكي .. أنا ام البحر ام وسمية!
انتشلت نفسي، نظرت إليها، اسألها بعيناي عن نوبة جنونها، صرخت تحثني:
- يا لله، روحي غرقي .. روحي موتي !!

أبكي .. تنمل رجلي ..
- أدري إنج تفكرين بالموت، تبين تذبحين عمرج نوروو .. أنا أساعدج، يا لله دخلي البحر، روحي غرقي ..

ابكي بحرقة، صوت عويلي يضاهي صوت ارتطام أمواج البحر ..
- على كل إللي سويته عشانج، وإللي قاعد أسويه هذي آخرتي !! تبين تموتين وتخليني؟

تصرخ كاللبؤة، بلا رحمة، تتقدم خطوة وترفس كومة تراب بوجهي، تحجب عنّي كيانها، لم أعد أراها ..
- وفي بيتي بعد؟!

من مكاني هناك الذي في الوسط، بين الأرض والماء، بين الموت والحياة، بين الخوف والحب، عرفت أن وسمية تتألم أكثر مما يوما تألمت. وجعها هذه المرة منّي لا عليّ. عرفت وسمية بنيتي! ربما رأتني قبل يوم وأنا أتفقد خزانة أدويتها، أو ربما اقتفت أثر خطواتي على حاسوبها عندما كنا أبحث عن حقائق الموت بالأدوية والعقاقير، كم حبة ستريحني.
وسمية كانت تنتشلني من دوامة الرثاء التي وضعت فيها نفسي، كانت تخبرني بطريقتها أنها لن تسمح لي بالقتل، لا أنا ولا ابنتي. وسمية أخذتني للبحر لا لأرمي نفسي، بل لأرمي كل تلك الأصوات التي تسكن رأسي وتقول لي ان لا خلاص إلا بالإنتحار.
أستجمع قوتي، أجلس على ركبتاي، تغوصان في التراب ..
- آنا آسفة وسمية .. لإني أحبج خلاص ما أبيج تتضايقين ..

تزفر شهيقها الأول، تجثو على الرمل أمامي وتبكي ..
تحاول ان تقول لي شيئا، ان توصل لي الرسالة، تدفع البكاء عنها لتخرج الكلمات من وسط الزحام فلا تقوى على التعبير، أمسك وجهها براحة يداي وأهز رأسي ..

بصمت .. أقول لها أنني الآن فقط .. فهمت!
يتبع ....

تعليقات

‏قال غير معرف…
welcome back :)
كلش ما فيني صبر على هالاجزاء
ودي انبش بعقلج و اعرف القصة كاملة


الله يصبرني :)


-إيمان
‏قال غير معرف…
welcome back :)
كلش ما فيني صبر على هالاجزاء
ودي انبش بعقلج و اعرف القصة كاملة


الله يصبرني :)


-إيمان
‏قال غير معرف…
plz la et6awleen 3alaina :(
‏قال chandal/danchal!!
الحمدلله على السلامة
نورتي كويت سيتي اند بلوقز

بالانتظار

:)
‏قال ARTFUL
شكرا على سرعة التفاعل اختي العزيزة

اذيناج معانا

بس من قالج تعرفين تكتبين وتشوقينا

p;
‏قال الاوركيده
Welcome Back :*

نورتي الديره وناطرين التكمله

:**
‏قال غير معرف…
اخيرررررررن رديتي تكمليين
جزء قصيير
ناطريين الباقي

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

" غدّونة" تذهب للمدرسة !

أنا عندي أرنبه ..