تستفزني حليمة ..





تستفزني حليمة ..!



دون ان يتكلم الآخرون، تنظر لي من داخلي تلك الأنثى العربية التي تربت على كلمات مثل "محترّة منّي"، تبتسم ابتسامة رمادية وتغمز لي. هي الأخرى دون ان تتكلم أعرف أنها تفكر أنني أغار منها! كنت في البداية اختصر المشوار ولا أتحدث عن حليمة حتى في التجمعات التي يغلب على نصابها الطابع الرجولي. جلسة غير مشمولة بالأنثى العربية التي داخلي اكتشفت أن الرجال ايضا يعتقدون أننا نغار من أي فتاة ننتقدها. أصد عن الأنثى الرمادية إياها، وأتحدث لمجموعة من الأصدقاء بالصدق والأصالة التي تعودت عليها. هناك فرق بين أن يستفزني "جمال" حليمة وبين ان تستفزني حليمة ذاتها. أنا من هؤلاء السيدات اللاتي يواجهن وحوشهن وجها لوجه، اقفز للمعركة أنفا أولا، لا أخاف ولا اتراجع دوما عن الإعتراف ان لحليمة نوعية جمال محببة عندنا في دول الخليج. الوجه الصافي اللبني النقي، الأسنان البيضاء المصفوفة، عينين براقتين، شعر ناعم غامق كثيف وشفاه مكتنزة! كاذب من يقول ان حليمة قبيحة شكليا. ولإنني اعرفها قبل أن تكون "حليمة" يتفخيم الميم ومد التاء عاليا مع الإدغام فإنني موقنة بقرارة نفسي وعلى الرغم من أنف الأنثى الغيورة السمراء التي داخلي أن من يتذوق الجمال الرائق لن يغمض عينيه عنها عندما تتمخطر أمامه.


تستفزني حليمة ..


لإنها تعرف " صدفة او تعمد" لا يهم، كيف تحشر جمالها في شرنقة التفاهة والسطحية! اعتقدت أنها أذكى من ان تختار لنفسها نموذج البرنسيس الجميلة ذات الشعر الطويل، المدللة من والديها، المعشوقة من زوجها، معبودة الجماهير، المرغوبة في كل مكان، ملكة جمال المذيعات، ملهمة الأغاني، مأججة الأشعار ... الخ!


للمرأة جاذبية طاغية إن صدقت مع نفسها، إن آمنت بعدم كمالها، إن وضعت قطعا مكسورة من قلبها على طاولة وجلست كأي بشر على وجه الأرض على ركبتيها تحاول تركيب القطع المشتتة، تحزن ان فشلت وتفرح، تقفز وتصفق عاليا امام الجميع إن نجحت!


ربما لا تقصد حليمة أن يكون مانشيتها الأخير " زوجي طلب أن نسمي طفلتنا حليمة لغرامه بي" ولكنها بالطبع قصدت ان تقول الجملة ذاتها في سياق الحديث الصحفي المتأكدة انا من تنوع جوانبه وتعدد تفاصيله! تماما كما حرصت أن تخبرنا بالبنط العريض وبالميوعة "التريد مارك" ذاتها أنها ملكة جمال المذيعات، الحائزة على لقب افضل مذيعة عربية، المدللة من والديها، المدعوة الى قصر القذافي، المتفوقة بالدراسة دوما، الشغوفة، الموهوبة، الذكية، العفوية، الغير متصنعة، الدلوعة، الغنوجة، اللهلوبة، الشحرورة، المقشوفة، المشطوفة، الفطفوطة، النطنوطة، المبسوطة .. (( تعبت ))


تستفزني حليمة لإن ما من امرأة لا تسكن في داخلها هواجس ما، ما إن امرأة خالية من الخوف على شيء ما، ما إن امرأة مجبولة على التفاؤل الأبدي بأن كل الناس تصدق كل كلمة تقولها، تصدق ا نبرة صوتها طبيعية مئة بالمئة، ما إن امرأة تتكلم مثلما تفعل حليمة تؤمن ان كل الناس لا يجدون فيها تصنعا ما.


تستفزني حليمة لإنها اعتمدت اعتماد كلّي وأبدي على كل ما هو خارجها، مساحيق تصفية وتنقية لوجه اصلا كريستالي، طريقة كلام متكلفة الى ابعد الحدود لصوت أصلا ناعم وسلس، كورسيهات ومشدات خانقة لخصر أصلا نحيل، ومخدات وكوشنات منتفخة لجسد أصلا نافر!


تستفزني حليمة لأنني امرأة تؤمن أن صدق الأنثى العميق مع نفسها يولد ذلك الشعور البديع بالسلام الداخلي، بالحب السلمي، بالتعاطف الإنساني الخالي من أي شوائب عالقة للذات. أؤمن أن ما من امرأة جميلة إطلاقا، وان من ترى نفسها كذلك سيأتيها اليوم الذي تكسر فيه، تعوّج وتدفن نفسها داخلها بحثا عن ذلك السلام فلا تجده، عضلة ضعيفة بالكاد تنبض، وبالكاد تقوى على مد النفس بطاقة لتواصل الحياة.






تستفزني حليمة لأنها دون ان تعلم او لا تعلم .. لا يهم، تقول لمشاريع الإناث في مجتمعاتنا، أن ذرة الملح يجب ان تكون زائدة، ورشة الفلفل زائدة، والزبدة فائضة، والبهارات عارضة، وأنك لكي تكوني لذيذة يجب ان تجلسي فوق الصدور، فتسدي مجرى التنفس فلا شهيق ولا زفير!!


تعليقات

‏قال ARTFUL
أخالف الراي :)
أحببت المقطع الأخير كما البقية أعلاه

أحب بساطها المتكلفه
‏قال Unknown
انا ما تستفزني، لكنها تثير اشمئزازي، لا استطيع اطالة النظر إليها كثيرا!!
‏قال a7mad Nabeel
الجمال استبداد مؤقت

اسلوب راق و مقال جميل رغم انني شعرت ان الغضب يتطاير مع الكلمات التي تغلي هنا و لا اجد مبررا لان حليمة يوما ما ستنسى و سناتي بحليمة اخرى و تستمر عجلة الدنيا في الدوران
 
للمرأة جاذبية طاغية إن صدقت مع نفسها
اؤيد بشدة بل ان للانسان جاذبية طاغية لو صدق مع نفسه و النتيجة الاهم من ذلك هي راحة البال !
يعطيج العافية مقال ممتع
‏قال @alhaidar
لا فض فوك ..

المشكلة أن الزميلة حليمة تعلم أن التصنع صفة مكشوفة..وأن صورتها "بالعناقيص" لازالت في أرشيف جريدةآفاق الجامعية..وأن غيابها المتكرر ثم "حنتها" على أساتذة قسم الإعلام لازالت محفورة في ذاكرة هؤلاء الأساتذة وزملائها الطلبة ..

لكن كل ذلك لا يهم..فبريق الشهرة والمال الذي حصدته من جمهورها "الرجالي في سواده الأعظم" يمحو كل أثر جانبي..


أتفق معك في إنصاف أصل جمالها ما دون المتصنع.. لكن أتمنى منها أن "تشتغل على نفسها" أكثر في جمال النفس..ورقي الفكر.. وليس ذلك يأتي عن طريق الغنج ودق الرجل على الأرض..

ولا أقولك..خليكي يا حليمة على عادتك القديمة..وليس لك شأن بالمعقدين أمثالنا..فعندما تضمرين..قد لا تجدين حولك أحدا في مجمل الأحوال!
جمال بلا روح
http://www.un4web.com

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

امرأة تحب النساء !

" غدّونة" تذهب للمدرسة !

أنا عندي أرنبه ..